فقه الحياة أو الأحكام :
أرشدت الآيات إلى ما يأتي :
١ ـ إذا كان المؤمن يفاخر بكتابه ابتهاجا وفرحا ، فإن الكافر الشقي يتمنى الموت ، ويكره البعث والعودة إلى الحياة مرة أخرى. قال القفّال : تمنى الموت حين رأى من الخجل وسوء المنقلب ما هو أشدّ وأشنع من الموت.
٢ ـ ذكر الله تعالى سرور السعداء أولا ، ثم ذكر أحوالهم في العيش الطيب وفي الأكل والشرب ، ثم ذكر هنا غم الأشقياء وحزنهم ، ثم ذكر أحوالهم حينما يزج بهم في نار جهنم في الغلّ والقيد ، وتناول طعام الغسلين ، والتصلية (١) في الجحيم (وهي النار العظمى) وإدخاله في سلسلة طولها سبعون ذراعا بذراع الملك.
٣ ـ سبب الظفر بالجنة للمؤمنين السعداء الإيمان والأعمال الصالحة في الدنيا ، وسبب العذاب والوعيد الشديد للأشقياء : هو عدم الإيمان بالله العظيم وعدم بذل المال للمساكين.
٤ ـ دلت آية (وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) على أن الكفار يعاقبون على ترك الصلاة والزكاة. وهو المراد من قول جمهور الأصوليين : إن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة. عن أبي الدرداء : أنه كان يحض امرأته على تكثير المرق لأجل المساكين ، ويقول : خلعنا نصف السلسلة بالإيمان ، أفلا نخلع النصف الباقي!
٥ ـ ليس للشقي في الآخرة حميم ، أي قريب يدفع عنه العذاب ، ويحزن عليه ؛ لأنهم يتحامون ويفرّون منه ، كقوله : (وَلا يَسْئَلُ حَمِيمٌ حَمِيماً) [المعارج ٧٠ / ١٠] وقوله : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر ٤٠ / ١٨].
__________________
(١) قال المبرّد : أصليته النار : إذا أوردته إياها ، وصلّيته أيضا ، كما يقال : أكرمته وكرّمته.