(خُذُوهُ فَغُلُّوهُ ، ثُمَّ الْجَحِيمَ صَلُّوهُ ، ثُمَّ فِي سِلْسِلَةٍ ذَرْعُها سَبْعُونَ ذِراعاً فَاسْلُكُوهُ) أي يأمر الله الزبانية قائلا : خذوه مكبّلا بالقيود والأغلال ، بجمع يده إلى عنقه في الغلّ ، ثم أدخلوه الجحيم ليصلى حرها ، ثم أدخلوه في سلسلة (حلق منتظمة) طولها سبعون ذراعا تلفّ على جسمه ، لئلا يتحرك.
ثم بيّن الله تعالى سبب وعيده الشديد وعذابه قائلا :
(إِنَّهُ كانَ لا يُؤْمِنُ بِاللهِ الْعَظِيمِ ، وَلا يَحُضُّ عَلى طَعامِ الْمِسْكِينِ) أي إنه كان كافرا جاحدا لا يصدق بالله صاحب العظمة والسلطان ، ولا يحث على إطعام الفقير والمسكين البائس ، فضلا عن عدم بذله المال للبائسين ، والمعنى أنه لا يؤدي حقوق الله من توحيده وعبادته وعدم الشرك به ، ولا يؤدي حقوق العباد من الإحسان والمعاونة على البر والتقوى. وفي ذكر الحض دون الفعل تشنيع ، يفيد أن تارك الحض كتارك الفعل. وفي الآية دلالة على أن الكفار مخاطبون بفروع الشريعة.
والعذاب متعين لازم له ، كما قال تعالى :
(فَلَيْسَ لَهُ الْيَوْمَ هاهُنا حَمِيمٌ) أي ليس له يوم القيامة قريب ينفعه ، أو صديق يشفع له ، أو ينقذه من عذاب الله تعالى ، كما جاء في آية أخرى : (ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطاعُ) [غافر ٤٠ / ١٨]. وقوله : (هاهُنا) إشارة إلى مكان عذابهم.
وطعامه ما وصف تعالى :
(وَلا طَعامٌ إِلَّا مِنْ غِسْلِينٍ ، لا يَأْكُلُهُ إِلَّا الْخاطِؤُنَ) أي وليس له طعام إلا ما يسيل من أجسام أهل النار من صديد ودم وقيح ، لا يأكله إلا أصحاب الخطايا والذنوب. قال قتادة عن الغسلين : هو شر طعام أهل النار. والطعام : اسم بمعنى الإطعام ، كالعطاء اسم بمعنى الإعطاء.