وهذا دليل على وجوب المواظبة على العبادة ، كما جاء في الصحيح عن عائشة رضياللهعنها عن رسول الله صلىاللهعليهوسلم أنه قال : «أحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل» وفي لفظ «ما داوم عليه صاحبه» قالت : وكان رسول الله إذا عمل عملا داوم عليه ، أو أثبته. فيكون المراد بالآية الذين يداومون على الصلوات في أوقاتها ، وأما الاهتمام بشأنها فيحصل برعاية أمور سابقة على الصلاة كالوضوء ، وستر العورة ، وطلب القبلة وغيرها ، وتعلق القلب بها إذا دخل وقتها ، ورعاية أمور مقارنة للصلاة ، كالخشوع ، والاحتراز عن الرياء ، والإتيان بالنوافل والمكملات. ورعاية أمور لاحقة بالصلاة ، كالاحتراز عن اللغو وما يضادّ الطاعة ؛ لأن الصلاة تنهى عن الفحشاء والمنكر ، فارتكاب المعصية بعد الصلاة دليل على عدم قبول تلك الصلاة.
٣ ـ أداء الزكاة والواجبات المالية : (وَالَّذِينَ فِي أَمْوالِهِمْ حَقٌّ مَعْلُومٌ ، لِلسَّائِلِ وَالْمَحْرُومِ) أي والذين في أموالهم نصيب مقرر لذوي الحاجات والبائسين ، سواء سألوا الناس أو تعففوا ، وذلك يشمل الزكوات المفروضة وكل ما يلزم الإنسان نفسه به ، من نذر ، أو صدقة دائمة ، أو إغاثة مستمرة. وهذا دليل على وجوب العبادة المالية ذات الأهداف الاجتماعية ، بعد وجوب العبادات البدنية ذات المغزى الأخلاقي المربي للنفس ، والغاية الدينية السامية ، فيكون المراد بالحق : الزكاة المفروضة ، بدليل وصفه بأنه معلوم ، واقترانه بإدامة الصلاة. وقيل : هو ما سوى الزكاة ، وإنه على طريق الندب والاستحباب.
٤ ـ التصديق بيوم الجزاء : (وَالَّذِينَ يُصَدِّقُونَ بِيَوْمِ الدِّينِ) أي والذين يوقنون بيوم القيامة أو بالمعاد والحساب والجزاء ، لا يشكون فيه ولا يجحدونه ، فهم يعملون عمل من يرجو الثواب ويخاف العقاب. وهذا دليل على أن العمل له غاية تدفع إلى تصحيح الاعتقاد والقول والفعل.
٥ ـ الخوف من عذاب الله : (وَالَّذِينَ هُمْ مِنْ عَذابِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ ، إِنَ