ويستحب مثل دعاء نوح اقتداء به لجميع المؤمنين والمؤمنات من الأحياء والأموات.
فقه الحياة أو الأحكام :
دلت الآيات على ما يأتي :
١ ـ لا تجوز الشكوى إلا إلى الله عزوجل ، ولذا شكى نوح قومه إلى ربه ، وأنهم عصوه ولم يتبعوه فيما أمرهم به من الإيمان ، بعد أن لبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما ، داعيا لهم ، وهم على كفرهم وعصيانهم. قال ابن عباس : رجا نوح عليهالسلام الأبناء بعد الآباء ؛ فيأتي بهم الولد بعد الولد ، حتى بلغوا سبعة قرون ، ثم دعا عليهم بعد الإياس منهم ، وعاش بعد الطوفان ستين عاما حتى كثر الناس وفشوا.
٢ ـ يقلد الناس في العادة قادتهم وكبراءهم ، وقد اتبع قوم نوح رؤساءهم وأغنياءهم الذين لم يزدهم كفرهم وأموالهم وأولادهم إلا ضلالا في الدنيا وهلاكا في الآخرة ؛ ومكروا مكرا عظيما بصرف الناس الأتباع عن الدين والإيمان ، وبإغراء السفلة على قتل نوح عليهالسلام.
٣ ـ أصرّ قوم نوح على الكفر والعناد والتمرد وعبادة الأصنام ، وتواصوا بعبادة الأوثان وترك عبادة الله ، ولا سيما عبادة ودّ وسواع ويغوث ويعوق ونسر ، وهي أصنام وصور ، كان قوم نوح يعبدونها ، ثم عبدتها العرب.
٤ ـ أكد نوح عليهالسلام في شكواه أنه أضل كبراء قومه كثيرا من أتباعهم ، لذا دعا عليهم بقوله : ولا تزد الظالمين الكافرين إلا عذابا (١) وخسرانا وضلالا عن
__________________
(١) كما جاء في قوله تعالى : إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَسُعُرٍ [القمر ٥٤ / ٤٧] والضلال هنا : العذاب.