طريق أهل الجنة ، أو ضلال مكرهم. وإنما دعا نوح عليهم بالضلال غضبا عليهم حين عرف بالقرائن المفيدة للجزم أنهم لا يكادون يؤمنون.
٥ ـ إن خطايا وذنوب قوم نوح هي السبب في الإغراق بالطوفان ودخول نار جهنم بعد إغراقهم ، فلم يجدوا حينئذ أحدا يمنعهم من عذاب الله.
٦ ـ استدل بعض أهل السنة وهو القشيري بآية (أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا ناراً) على إثبات عذاب القبر ؛ لأن إدخال النار حصل عقيب الإغراق ، فلا يحمل على عذاب الآخرة ، وإلا بطلت دلالة الفاء على التعقيب ، ولأنه قال : (فَأُدْخِلُوا) على سبيل الإخبار عن الماضي ، وهذا إنما يصدق لو وقع ذلك.
ورد الرازي بأن الذي قالوه ترك للظاهر من غير دليل ؛ لأن المعنى صاروا مستحقين دخول النار ، وأما التعبير بقوله : (فَأُدْخِلُوا) فهو عن المستقبل بلفظ الماضي ، لتأكد وقوعه وصحة وجوده (١).
٧ ـ قوله تعالى : (فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللهِ أَنْصاراً) حجة على كل من عول على شيء غير الله تعالى ؛ لأن الآية تعريض بالمشركين الذين واظبوا على عبادة الأصنام ، لتكون دافعة للآفات عنهم ، جالبة للمنافع إليهم ، فلما جاءهم عذاب الله لم ينتفعوا بتلك الأصنام ، وما دفعت عنهم شيئا من عذاب الله.
٨ ـ دعا نوح على الكفار بالدمار والهلاك بعد أن يئس من اتباعهم إياه ، وبعد أن أوحى الله إليه : (أَنَّهُ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ) [هود ١١ / ٣٦] فأجاب الله دعوته وأغرق أمته. وهذا كقول النبي صلىاللهعليهوسلم : «اللهم منزل الكتاب ، سريع الحساب ، وهازم الأحزاب ، اهزمهم وزلزلهم».
قال ابن العربي : دعا نوح على الكافرين أجمعين ودعا النبي صلىاللهعليهوسلم على من
__________________
(١) تفسير الرازي : ٣٠ / ١٤٥