المناسبة :
بعد أن ذكر الله تعالى إرشاداته لنبيه صلىاللهعليهوسلم في دعوته ، هدد المشركين وأوعدهم على الإعراض عن قبول تلك الدعوة ، وخوفهم عذاب يوم القيامة وكيفيته وأهواله ، وعذاب الدنيا ومخاطره ، ثم عاد إلى وصف عذاب الآخرة وتخويفهم به لشدته التي بلغت حدا تشيب الولدان ، وتتشقق السموات منه.
التفسير والبيان :
هدد الله تعالى كفار مكة وأمثالهم وتوعدهم ، وهو العظيم الذي لا يقوم لغضبه شيء ، فقال :
(وَذَرْنِي وَالْمُكَذِّبِينَ أُولِي النَّعْمَةِ وَمَهِّلْهُمْ قَلِيلاً) أي دعني وأولئك المكذبين المترفين أصحاب الأموال ، فإني أكفيك أمرهم ، وأنتقم لك منهم ، فلا تهتم بكونهم أرباب الغنى والسعة والترفّه في الدنيا ، وتمهل عليهم رويدا وزمنا قليلا ، أو تمهلا قليلا إلى انقضاء آجالهم ، كما قال تعالى : (نُمَتِّعُهُمْ قَلِيلاً ، ثُمَّ نَضْطَرُّهُمْ إِلى عَذابٍ غَلِيظٍ) [لقمان ٣١ / ٢٤]. وقد أهلك زعماؤهم في موقعة بدر ، قالت عائشة : لما نزلت هذه الآية لم يكن إلا يسيرا حتى وقعت وقعة بدر.
ثم ذكر الله تعالى أنواعا أربعة من عذابهم ، فقال :
(إِنَّ لَدَيْنا أَنْكالاً ، وَجَحِيماً ، وَطَعاماً ذا غُصَّةٍ ، وَعَذاباً أَلِيماً) أي إن عندنا القيود والأغلال لهؤلاء المكذبين بآياتنا وبرسولنا ، ونارا مؤججة مضطرمة ، وطعاما لا يستساغ ، ينشب في الحلق ، فلا يدخل ولا يخرج كالزقوم والضريع ، ونوعا آخر من العذاب المؤلم الشديد ، لا يعلم كنهه إلا الله تعالى. وتنكير قوله (عَذاباً) يدل على أن هذا العذاب أشد مما تقدم وأكمل.
وبعد وصف العذاب ، أخبر تعالى عن زمانه متى يكون فقال :