اثنين ، فنزل قوله : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) أي لم يجعلهم رجالا تستطيعون مغالبتهم.
التفسير والبيان :
(وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) أي لم نجعل خزنة النار وزبانيتها القائمين بالتعذيب إلا ملائكة غلاظا شدادا ، ولم نجعلهم رجالا تمكن مغالبتهم ، ومن يطيق الملائكة ومن يغلبهم؟ وهم أقوى الخلق وأشدهم بأسا وأعظمهم بطشا ، وأقومهم بحق الله والغضب له تعالى.
وهذا رد على مشركي قريش حين ذكر عدد الخزنة ، فقال أبو جهل كما تقدم : يا معشر قريش ، أما يستطيع كل عشرة منكم لواحد منهم فتغلبونهم؟ فقال الله تعالى : (وَما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً) أي شديدي الخلق ، لا يقاومون ولا يغالبون.
ثم أبان الله تعالى حكمة اختيار عدد الخزنة ، فقال :
(وَما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا) أي إنما ذكرنا عدتهم أنهم تسعة عشر ، اختبارا منا للناس ، وسبب محنة وإضلال للكافرين ، حتى قالوا ما قالوا ، ليتضاعف عذابهم ، ويكثر غضب الله عليهم. فقوله : (فِتْنَةً) معناه سبب فتنة ، أي جعلنا تلك العدة وهي تسعة عشر سببا لفتنة الكفار ، وفتنتهم : هو كونهم أظهروا مقاومتهم والطمع في مغالبتهم ، وذلك على سبيل الاستهزاء ، فإنهم مكذبون بالبعث وبالنار وبخزنتها.
(لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ ، وَيَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً) أي إنه تعالى جعل عدة الزبانية تسعة عشر ليتيقن ويعلم أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى أن هذا الرسول حق ، فإنه جاء ناطقا بما يطابق كتبهم السماوية المنزلة على الأنبياء