قبله ، فإن فيها أن عدة خزنة جهنم تسعة عشر ، ولكي يزداد إيمان المؤمنين وتصديقهم حين يرون موافقة أهل الكتاب لهم ، ويشهدون صدق إخبار نبيهم محمد ـ صلىاللهعليهوسلم.
ثم أكد الله تعالى ذلك بنفي الشبهة والشك ، فقال :
(وَلا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَالْمُؤْمِنُونَ) أي ولا يشك أهل الكتاب من اليهود والنصارى والمؤمنون بالله تعالى ورسوله صلىاللهعليهوسلم في صحة وحقيقة هذا العدد ، وفي دين الله. والمراد بذلك في الواقع التعريض بالمتشككين المنافقين.
(وَلِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَالْكافِرُونَ : ما ذا أَرادَ اللهُ بِهذا مَثَلاً) أي وليقول المنافقون الذي في قلوبهم شك وريب في صدق النبي صلىاللهعليهوسلم والكافرون من أهل مكة وغيرهم : أي شيء أراد الله بهذا العدد المستغرب استغراب المثل؟ وما الحكمة في ذكر هذا هنا؟ ومرادهم إنكار أصل هذا الكلام ، وأنه ليس من عند الله (١).
ثم ذكر الله تعالى سنته في الإضلال والهداية لمن كان من أهلهما ، فقال :
(كَذلِكَ يُضِلُّ اللهُ مَنْ يَشاءُ ، وَيَهْدِي مَنْ يَشاءُ) أي مثل ذلك المذكور من الإضلال والهدى يضل من يريد بخذلانه عن إصابة الحق ، لسوء استعداده ، وتوجيه نفسه لمواقع الضلال والسوء ، ويهدي إلى الحق والإيمان من يريد ، بتوفيقه إلى الصواب ، فمثل إضلال أبي جهل وأصحابه المنكرين لخزنة جهنم ، يضل الله عن الهداية والإيمان أي يخزي ويعمي من أراد إضلاله ، ويهدي أي يرشد من أراد هدايته ، كإرشاد أصحاب محمدصلىاللهعليهوسلم.
وليس معنى الإضلال والهداية أنه تعالى يجبر كل فريق على الضلالة والهدى ،
__________________
(١) البحر المحيط : ٨ / ٣٧٧