والمراد بهذا الاستفهام الوعيد والإخبار بأنه تعالى قادر على تعذيب من كفر بالله وأشرك معه إلها آخر. قال ابن عباس : أأمنتم من في السماء إن عصيتموه.
ونظير الآية قوله تعالى : (قُلْ : هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ) [الأنعام ٦ / ٦٥].
ولكن من لطفه ورحمته تعالى بخلقه أنه يحلم ويصفح ، ويؤجل ولا يعجّل كما قال تعالى : (وَلَوْ يُؤاخِذُ اللهُ النَّاسَ بِما كَسَبُوا ما تَرَكَ عَلى ظَهْرِها مِنْ دَابَّةٍ ، وَلكِنْ يُؤَخِّرُهُمْ إِلى أَجَلٍ مُسَمًّى ، فَإِذا جاءَ أَجَلُهُمْ ، فَإِنَّ اللهَ كانَ بِعِبادِهِ بَصِيراً) [فاطر ٣٥ / ٤٥].
ثم أتبع الله تعالى ذلك بوعيد آخر :
(أَمْ أَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ، فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) أي بل هل أمنتم ربكم الله الذي هو في السماء كما تزعمون ، وهل أمنتم سلطانه وملكوته وقهره أن يرسل عليكم ريحا مصحوبة بحجارة من السماء ، كما أرسلها على قوم لوط وأصحاب الفيل في مكة ، وحينئذ تعلمون إذا عاينتم العذاب كيفية إنذاري وعقابي لمن خالف وكذب به ، ولكن لا ينفعكم هذا العلم؟!
ونظير الآية قوله تعالى : (أَفَأَمِنْتُمْ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمْ جانِبَ الْبَرِّ ، أَوْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حاصِباً ، ثُمَّ لا تَجِدُوا لَكُمْ وَكِيلاً) [الإسراء ١٧ / ٧٨].
ثم ذكّر الله تعالى بعذاب الأمم المتقدمة مؤكدا تخويف الكفار بالمثال والبرهان ، أما المثال فهو :
(وَلَقَدْ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ ، فَكَيْفَ كانَ نَكِيرِ) أي إن الكفار الذين كانوا قبلهم ، والذين كذبوا الرسل ، شاهدوا أمثال هذه العقوبات بسبب كفرهم ، كعاد وثمود وكفار الأمم ، فحاق بهم سوء العذاب ، وانظروا كيف كان إنكاري عليهم بما أوقعته بهم من العذاب الشديد؟