وأما البرهان فقد ذكر تعالى عدة براهين على كمال قدرته ، مما يدل على كونه تعالى قادرا على إيقاع جميع أنواع العذاب بالكفار.
وهذا هو البرهان الأول :
(أَوَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ فَوْقَهُمْ صافَّاتٍ وَيَقْبِضْنَ ، ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا الرَّحْمنُ ، إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ بَصِيرٌ) أي أولم ينظروا إلى الطير فوقهم في الجو أو الهواء ، وهن باسطات أجنحتها تارة ، وقابضات ضامات لها تارة أخرى ، ما يمسكهن في الهواء عند الطيران والقبض والبسط إلا الإله الرحمن القادر على كل شيء ، بما سخّر لهن من الهواء برحمته ولطفه ، إنه سبحانه عليم بصير بما يصلح كل شيء من مخلوقاته ، لا يخفى عليه شيء من دقائق الأمور وعظائمها.
ونظير الآية : (أَلَمْ يَرَوْا إِلَى الطَّيْرِ مُسَخَّراتٍ فِي جَوِّ السَّماءِ ، ما يُمْسِكُهُنَّ إِلَّا اللهُ ، إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [النحل ١٦ / ٧٩].
قالوا : وفي الآية دليل على أن الأفعال الاختيارية للعبد مخلوقة لله تعالى ؛ لأن استمساك الطير في الهواء فعل اختياري لها ، وقد أضافه الله تعالى إلى نفسه.
فقه الحياة أو الأحكام :
يستنبط من الآيات ما يلي :
١ ـ الله تعالى هو القادر على أن يخسف بالكافرين والظالمين الأرض ، عقوبة على كفرهم ، كما خسف بقارون وبداره الأرض ، فإذا الأرض تذهب وتجيء وتغور بهم وتبتلعهم.
وإنما خص الله تعالى السماء في قوله : (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّماءِ) تنبيها على أن الإله الذي تنفذ قدرته في السماء ، لا من يعظمونه في الأرض ، علما بأنه تعالى