بما أوجبوه على أنفسهم من نذور تقربا إلى الله تعالى ويتركون المحرمات التي نهاهم عنها. والنذر في الشرع : ما أوجبه المكلف على نفسه لله تعالى من صلاة أو صوم أو ذبح أو غيرها مما لم يكن عليه واجبا بالشرع. قال الرازي : اعلم أن مجامع الطاعات محصورة في أمرين : التعظيم لأمر الله وإليه الإشارة بقوله : (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ) والشفقة على خلق الله وإليه الإشارة بقوله : (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ). ويخافون عذاب يوم هو يوم القيامة كانت شدائده وأهواله فاشية منتشرة في كل جهة وعامة على الناس إلا من رحم الله.
وإنما سميت الأهوال شرّا ؛ لكونها مضرة بمن تنزل عليه ولكونها صعبة عليه كما تسمى الأمراض وسائر الأمور المكروهة شرورا.
والآية دالة على وجوب الوفاء بالنذر ؛ لأنه تعالى عقبه بقوله : (يَخافُونَ يَوْماً) وهذا يقتضي أن الخوف من عذاب الله هو سبب الوفاء بالنذر.
٣ ـ (وَيُطْعِمُونَ الطَّعامَ عَلى حُبِّهِ مِسْكِيناً وَيَتِيماً وَأَسِيراً) أي ويطعمون الطعام في حال محبتهم وشهوتهم له المحتاج الفقير العاجز عن الكسب واليتيم الحزين الذي فقد أباه وعائله والأسير المقيد المحبوس أو المملوك سواء من أهل الإيمان أو من المشركين. وخصّ الطعام بالذكر لكونه إنقاذا للحياة وإصلاحا للإنسان وإحسانا لا ينسى.
وفي قوله (عَلى حُبِّهِ) تنبيه على ما ينبغي أن يكون عليه المطعم بل كل عامل من إخلاص عمله لله.
ونظير الآية قوله تعالى : (فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ وَما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ فَكُّ رَقَبَةٍ أَوْ إِطْعامٌ فِي يَوْمٍ ذِي مَسْغَبَةٍ يَتِيماً ذا مَقْرَبَةٍ أَوْ مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ) [البلد ٩٠ / ١١ ـ ١٦] وقوله سبحانه : (وَآتَى الْمالَ عَلى حُبِّهِ) [البقرة ٢ / ١٧٧] وقوله : (لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ) [آل عمران ٣ / ٩٢].