التفسير والبيان :
(إِنَّا أَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ سَلاسِلَ وَأَغْلالاً وَسَعِيراً) أي إننا هيأنا وأعددنا لكل من كفر بالله وبنعمه وخالف أمره سلاسل في أرجلهم يقادرون بها إلى الجحيم قيودا تشد بها أيديهم إلى أعناقهم ونارا تستعر وتتوقد لنعذبهم ونحرقهم بها. والسلاسل : القيود في جهنم كل سلسلة سبعون ذراعا كما جاء في سورة الحاقة. والأغلال : ما تغل به الأيدي إلى الأعناق.
ونظير الآية : (إِذِ الْأَغْلالُ فِي أَعْناقِهِمْ وَالسَّلاسِلُ يُسْحَبُونَ فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِ يُسْجَرُونَ) [غافر ٤٠ / ٧١ ـ ٧٢].
فهذا إخبار عما أرصده الله عزوجل للكافرين الأشقياء من خلقه ثم أتبعه بما أعد للمؤمنين الطائعين فقال :
(إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) أي إن المؤمنين أهل الطاعة والإخلاص الذين يؤدون حق الله بالتزام فرائضه واجتناب معاصيه يشربون من خمر ممزوجة بكافور بارد أبيض طيب الرائحة ليكمل ريح الخمر وطعمها ويطيب وممزوجة أيضا بماء عين يشرب منها عباد الله الصالحون يجرونها إلى حيث أرادوا من منازلهم وقصورهم وينتفعون بها كما يشاءون ويشقّونها شقّا كما يشقّ النهر ويتفجر الينبوع. وقيل : الكافور : اسم عين في الجنة يقال له عين الكافور.
وقوله : (يُفَجِّرُونَها تَفْجِيراً) معناه يتصرفون فيها حيث شاؤوا وأين شاؤوا من قصورهم ودورهم ومجالسهم ومحالهم. والتفجير : الإنباع.
ثم ذكر الله تعالى ثلاثة أسباب لهذا التكريم وثواب الأبرار فقال :
١ ـ ٢ ـ (يُوفُونَ بِالنَّذْرِ وَيَخافُونَ يَوْماً كانَ شَرُّهُ مُسْتَطِيراً) أي يوفون