الخطاب على النّبي صلىاللهعليهوسلم ، وهو راقد على حصير من جريد ، وقد أثّر في جنبه ، فبكى عمر فقال : ما يبكيك؟ قال : ذكرت كسرى وملكه ، وهرمز ، وصاحب الحبشة وملكه ، وأنت رسول الله صلىاللهعليهوسلم على حصير من جريد ، فقال رسول الله صلىاللهعليهوسلم : أما ترضى أن لهم الدنيا ، ولنا الآخرة ، فأنزل الله تعالى : (وَإِذا رَأَيْتَ ثَمَّ رَأَيْتَ نَعِيماً وَمُلْكاً كَبِيراً).
المناسبة :
بعد بيان طعام أهل الجنة ولباسهم ، ذكر الله تعالى أوصاف مساكنهم وكيفية جلوسهم فيها وأشربتهم وأوانيهم وخدمهم واعتدال هوائهم ، ثم أشار إلى تجملهم بمحاسن الثياب والحلي ، وذكر في النهاية أن هذه النعم جزاء عملهم.
التفسير والبيان :
يخبر الله تعالى عن أوضاع أهل الجنة وما هم فيه من النعيم المقيم ، وما أسبغ عليهم من الفضل العظيم ، فقال تعالى :
(مُتَّكِئِينَ فِيها عَلَى الْأَرائِكِ ، لا يَرَوْنَ فِيها شَمْساً وَلا زَمْهَرِيراً) أي جزاهم الله جنة ، متكئين فيها على الأسرة المظللة بالحجال أو الكلل ، لا يرون فيها حرّ الشمس ، ولا برد الزمهرير ، بل إن هواءها معتدل ، جاء في الحديث : «هواء الجنة سجسج ، لا حرّ ولا قرّ» والسجسج : الظل الممتد كما بين طلوع الفجر وطلوع الشمس (١).
(وَدانِيَةً عَلَيْهِمْ ظِلالُها وَذُلِّلَتْ قُطُوفُها تَذْلِيلاً) أي وإن ظلال الأشجار قربة منهم ، مظللة عليهم ، زيادة في نعيمهم ، وإن كان لا شمس هناك ، وسخرت وأدنيت ثمارها لمتناوليها تسخيرا ، يتناولها القائم والقاعد والمضطجع ، لا يردّ أيديهم عنها بعد ولا شوك. فقوله : (وَدانِيَةً) أي وجزاهم جنة أخرى
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٣٨