نصرك على المشركين ، إلى أجل اقتضته حكمته ، وفي القيام بتبليغ رسالته ووحيه الذي أوحاه إليك ، فلكل أجل كتاب ، وسيتولاك ربك بحسن تدبيره ، ولا تطع أحدا من الكافرين والمنافقين ، المغالين في الكفر ، أو مرتكبي الإثم والفجور والمعاصي إن أرادوا صدّك عما أنزل إليك ، بل بلّغ ما أنزل إليك من ربّك ، وتوكل على الله ، فإن الله يعصمك من الناس. والآثم كما تقدم : هو مرتكب المعاصي ، والكفور : هو جاحد النعمة ، المغالي في الكفر ، فكل كفور آثم ، وليس كل آثم كفورا.
ومن أمثلة الآثم : عتبة بن ربيعة ؛ لأنه كان متعاطيا لأنواع الفسوق ، يروى أنه قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : ارجع عن هذا الأمر ، حتى أزوّجك ولدي ، فإني من أجمل قريش ولدا.
ومن أمثلة الكفور : الوليد بن المغيرة ؛ لأنه كان شديد الشكيمة في الكفر ، روي أنه قال للنبي صلىاللهعليهوسلم : أنا أعطيك من المال حتى ترضى ، فإني من أكثرهم مالا ، فقرأ عليهم رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أول (حم) السجدة إلى قوله : (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ : أَنْذَرْتُكُمْ صاعِقَةً مِثْلَ صاعِقَةِ عادٍ وَثَمُودَ) [الآية ١٣] فانصرفا عنه ، وقال أحدهما : ظننت أن الكعبة ستقع.
وبالرغم من أنه صلىاللهعليهوسلم ما كان يطيع أحدا منهم ، إلا أنه وجه النهي له ؛ لأنه القدوة ، وإشارة إلى أن الناس محتاجون دائما إلى مواصلة التنبيه والإرشاد ، لوجود نزعة الشر والفساد في نفوسهم ، فلو أن أحدا استغنى عن توفيق الله وإرشاده ، لكان أحق الناس بذلك هو الرسول المعصوم صلىاللهعليهوسلم ، فوجب على كل مسلم أن يرغب إلى الله تعالى ويتضرع إليه في أن يصونه عن اتباع الأهواء والشهوات.
ثم عقّب النهي بالأمر ، فقال سبحانه :