(فَالْفارِقاتِ فَرْقاً ، فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ، عُذْراً أَوْ نُذْراً) ثم أقسم بالملائكة الذين ينزلون بأمر الله على الرسل بما يفرق بين الحق والباطل ، والهدى والغي ، والحلال والحرام ، وتلقي الوحي إلى الأنبياء ، إعذارا من الله إلى خلقه ، وإنذارا من عذابه إن خالفوا أمره. وقيل : المراد بالفارقات والملقيات : الرياح أيضا.
(إِنَّما تُوعَدُونَ لَواقِعٌ) هذا هو المقسم عليه بهذه الأقسام ، أي إن ما وعدتم به من مجيء الساعة والنفخ في الصور ، وبعث الأجساد ، وجمع الأولين والآخرين في صعيد واحد ، ومجازاة كل عامل بعمله خيرا أو شرا ، إن هذا كله لواقع وكائن لا محالة.
ثم بيّن الله سبحانه وقت وقوعه وأشراطه ، فقال :
(فَإِذَا النُّجُومُ طُمِسَتْ ، وَإِذَا السَّماءُ فُرِجَتْ ، وَإِذَا الْجِبالُ نُسِفَتْ) أي فإذا محي نور النجوم وذهب ضوءها ، وفتحت السماء وشقت وصدعت ووهت أطرافها ، وقلعت الجبال من مكانها ، وذهب بها ، وطارت في الجو هباء ، فلا يبقى لها عين ولا أثر ، واستوى مكانها بالأرض.
ونظير الآية في النجوم : (وَإِذَا النُّجُومُ انْكَدَرَتْ) [التكوير ٨١ / ٢] وقوله : (وَإِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ) [الانفطار ٨٢ / ٢]. وفي السماء : (إِذَا السَّماءُ انْشَقَّتْ) [الانشقاق ٨٤ / ١] وقوله : (وَفُتِحَتِ السَّماءُ ، فَكانَتْ أَبْواباً) [النبأ ٧٨ / ١٩] وقوله : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) [الفرقان ٢٥ / ٢٥]. وفي الجبال : (وَيَسْئَلُونَكَ عَنِ الْجِبالِ ، فَقُلْ : يَنْسِفُها رَبِّي نَسْفاً) [طه ٢٠ / ١٠٥].
ووجه الجمع بين الرياح في الثلاثة الأول ، وبين الملائكة في الرابع والخامس هو اللطافة وسرعة الحركة.
(وَإِذَا الرُّسُلُ أُقِّتَتْ ، لِأَيِّ يَوْمٍ أُجِّلَتْ ، لِيَوْمِ الْفَصْلِ ، وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الْفَصْلِ) أي وإذا الرسل جمعت وجعل لها وقت للفصل والقضاء بينهم وبين