والنار ، فقال مبينا النوع الخامس من أنواع التهديد :
(انْطَلِقُوا إِلى ما كُنْتُمْ بِهِ تُكَذِّبُونَ) أي يقال للكفار من قبل خزنة جهنم : اركضوا أو سيروا واذهبوا إلى ما كنتم تكذبون به من العذاب الأخروي في الدنيا.
ثم وصف الله تعالى هذا العذاب بأربع صفات ، بقوله :
١ ـ (انْطَلِقُوا إِلى ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ) هذا تهكم بهم ، معناه : سيروا إلى ظل من دخان جهنم متشعب إلى شعب ثلاث أو فرق ، فإن لهب النار إذا ارتفع وصعد معه دخان ، صار له ثلاث شعب من شدته وقوته. والمراد أنهم يتنقلون من عذاب إلى آخر ، وأن العذاب محيط بهم من كل جانب ، كما قال تعالى : (أَحاطَ بِهِمْ سُرادِقُها) [الكهف ١٨ / ٢٩] وسرادق النار : هو الدخان فتكون تسمية النار بالظل مجازا من حيث إنها محيطة بهم من كل جانب ، كقوله سبحانه : (لَهُمْ مِنْ فَوْقِهِمْ ظُلَلٌ مِنَ النَّارِ ، وَمِنْ تَحْتِهِمْ ظُلَلٌ) [الزمر ٣٩ / ١٦] وقوله : (يَوْمَ يَغْشاهُمُ الْعَذابُ مِنْ فَوْقِهِمْ وَمِنْ تَحْتِ أَرْجُلِهِمْ) [العنكبوت ٢٩ / ٥٥].
٢ ، ٣ ـ (لا ظَلِيلٍ ، وَلا يُغْنِي مِنَ اللهَبِ) وهذا أيضا تهكم بهم وتعريض بأن ظلهم غير ظل المؤمنين ، فذلك الظل لا يمنع حرّ الشمس ، وليس فيه برد ظلال الدنيا ، ولا يفيد في رد حرّ جهنم عنكم شيئا ؛ لأن هذا الظل في جهنم ، فلا يظلهم من حرها ، ولا يسترهم من لهيبها ، كما جاء في آية أخرى : (فِي سَمُومٍ وَحَمِيمٍ ، وَظِلٍّ مِنْ يَحْمُومٍ ، لا بارِدٍ وَلا كَرِيمٍ) [الواقعة ٥٦ / ٤٢ ـ ٤٤].
واللهب : ما يعلو على النار إذا اضطرمت ، من أحمر وأصفر وأخضر.
٤ ـ (إِنَّها تَرْمِي بِشَرَرٍ كَالْقَصْرِ. كَأَنَّهُ جِمالَتٌ صُفْرٌ) أي إن هذه النار يتطاير منها شرر متفرق ، كل شرارة من شررها التي ترمي بها كالقصر (البناء العظيم) في العظم والارتفاع ، وكالإبل الصفر في اللون والكثرة والتتابع وسرعة