الحركة. وقال الفرّاء : الصفر سود الإبل ؛ لأنها مشربة بصفرة ، لذلك سمت العرب سود الإبل صفرا. والأكثرون على أن المراد بهذه الصفرة سواد يعلوه صفرة. والشرر جمع شرارة : وهو ما تطاير من النار في كل جهة.
والمقصود بالتشبيه الأول بيان أن تلك النار عظيمة جدا ، والمقصود بالتشبيه الثاني شدة اشتعالها ، والتهكم بهم ، كأنه قيل : كنتم تتوقعون من وثنيتكم كرامة ونعمة وجمالا ، إلا أن تلك الجمال هو هذه الشرارات التي هي كالجمال ، لذا أعقبه بقوله :
(وَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ) أي عذاب وخزي في يوم القيامة الهائل للمكذبين لرسل الله وآياته ، الذين لا مفر لهم من ذلك العذاب.
ثم وصف تعالى ماذا يكون للكفار في ذلك اليوم من ألوان العذاب الأدبية ، وهو النوع السادس من أنواع التخويف ، فقال :
(هذا يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ ، وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) أي هذا اليوم لا يتكلمون فيه ، لهول ما يرون ، وللحيرة والدهشة التي تعتريهم ، ولا يأذن الله لهم ، فيكون لهم اعتذار ، بل قد قامت عليهم الحجة ، لذا قال تعالى : (لا تَعْتَذِرُوا ، قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ) [التوبة ٩ / ٦٦] وقال : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ كَفَرُوا لا تَعْتَذِرُوا الْيَوْمَ ، إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) [التحريم ٦٦ / ٧].
والمراد بهذا النوع بيان أنه ليس لهم عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من المفاسد والقبائح والمنكرات ، وأنه لا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم. وبيان هذا النوع للدلالة على شدة أهوال القيامة.
وإنما لم يؤذن لهم في الاعتذار ؛ لأنه تعالى قدّم الإنذار في الدنيا ، بدليل قوله في مطلع السورة : (فَالْمُلْقِياتِ ذِكْراً ، عُذْراً أَوْ نُذْراً). ولهذا قال في آخر هذا الإخبار :