البناء العالي ، في العظم والارتفاع ، مما يدل على أن تلك النار عظيمة جدا ، وهي أيضا كالجمالات الصّفر : وهي الإبل السود ، والعرب تسمي السّود من الإبل صفرا مما يدل على أن تلك النار شديدة الاشتعال كثيفة ، متتابعة ، سريعة الالتهاب.
وذكر القرطبي أن في هذه الآية دليلا على جواز ادّخار الحطب والفحم ، وإن لم يكن من القوت ، فإنه من مصالح المرء ، مما يقتضي أن يكتسبه في غير وقت حاجته ؛ ليكون أرخص ، وحالة وجوده أمكن ، كما كان النبي صلىاللهعليهوسلم يدّخر القوت في وقت عموم وجوده من كسبه وماله ، وكل شيء محمول عليه (١).
النوع السادس ـ بطلان الحجة ، وفقد العذر ، والعجز : أبان تعالى أنه ليس للكفار يوم القيامة عذر ولا حجة فيما ارتكبوا من القبائح ، ولا قدرة لهم على دفع العذاب عن أنفسهم ، فاجتمع عليهم عذاب التخجيل والعذاب الجسماني وهو مشاهدة النار وأهوالها.
النوع السابع ـ التعذيب بالتقريع والتخجيل : يقال للكفار يوم القيامة : هذا اليوم الذي يفصل فيه بين الخلائق ، فيتبين المحقّ من المبطل ، والذي جمع فيه في صعيد واحد أوائل الكفار وأواخرهم ، سواء الذين كذبوا الرسل المتقدمين قبل نبينا ، أو كذبوا محمدا صلىاللهعليهوسلم. وقد تحداهم الله تعالى بأن يجدوا لأنفسهم ملجأ أو وقاية من العذاب على المعاصي التي اقترفوها في الدنيا ، ولكنهم يعجزون عن ذلك وعن الدفع عن أنفسهم.
ويكون الفصل فيما بين العباد بعضهم مع بعض من حقوق وظلامات ، فهذا يدعي على آخر أنه ظلمه ، أو قتله ، وآخر يدعي أنه اغتصب منه شيئا أو سرق ماله ، وهكذا.
__________________
(١) تفسير القرطبي : ١٩ / ١٦٥