لأن الليالي جمع مؤنث والأيام جمع مذكر ، و (حُسُوماً) : إما منصوب على الوصف لقوله : (أَيَّامٍ) أو منصوب على المصدر ، أي تباعا. و (صَرْعى) حال من (الْقَوْمَ) لأن (فَتَرَى) من رؤية البصر ، و (كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ) : في موضع نصب على الحال من ضمير (صَرْعى). وتقديره : مشبهين أعجاز نخل ، و (خاوِيَةٍ) : صفة لنخل ، وقال (خاوِيَةٍ) بالتأنيث ؛ لأن النخل يجوز فيه التأنيث والتذكير مثل (نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ).
(فَهَلْ تَرى لَهُمْ مِنْ باقِيَةٍ) يقرأ بالإدغام ، لقرب التاء من مخرج اللام.
البلاغة :
(الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) إطناب بتكرار الاسم للتهويل والتعظيم.
(كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) ثم قال : (فَأَمَّا ثَمُودُ وَأَمَّا عادٌ) تفصيل بعد إجمال ، وفيه لف ونشر مرتب.
(كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ) تشبيه مرسل مجمل ، فيه الأداة ، وحذف وجه الشبه.
(إِنَّا لَمَّا طَغَى الْماءُ) استعارة ، شبه ارتفاع الماء بطغيان الإنسان على الإنسان.
المفردات اللغوية :
(الْحَاقَّةُ) أي الساعة الثابتة المجيء ، الواجبة الوقوع ، وهي القيامة ، التي يحق ، أي يثبت ويجب حدوثها وما اشتملت عليه من البعث والحساب والجزاء الذي أنكره المنكرون. (مَا الْحَاقَّةُ) أي أي شيء هي؟ وضع الظاهر فيها موضع الضمير ، تفخيما لشأنها ، وتعظيما لهولها. (وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ) أي وأيّ أعلمك ما هي؟ أي إنك لا تعلم كنهها ، فإنها أعظم من أن يدري بها أحد ، والجملة زيادة تعظيم لشأنها.
(بِالْقارِعَةِ) القيامة التي تقرع القلوب بالإفزاع ، وتهز النفوس بأهوالها ، والمواد بالانفطار والانتثار ، وإنما وضعت موضع ضمير (الْحَاقَّةُ) زيادة في وصف شدتها.
(بِالطَّاغِيَةِ) الواقعة التي جاوزت الحد في الشدة والقوة ، وهي الصيحة أو الرجفة ، أي الصاعقة ، وسبب إهلاكهم : تكذيبهم بالقارعة ، وطغيانهم بالكفر والمعاصي. (بِرِيحٍ صَرْصَرٍ) شديدة الصوت والبرد ، من الصّرّة أي الصيحة ، أو من الصّر أي البرد الذي يضرب النبات والحرث. (عاتِيَةٍ) شديدة القوة والعصف. (سَخَّرَها عَلَيْهِمْ) سلّطها عليهم بقدرته. (سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ) قال المحلي : أولها من صبح الأربعاء لثمان بقين من شوال ، وكانت في عجز الشتاء وهي أيام العجوز أو العجائز ، سميت عجوزا ؛ لأنها عجز للشتاء. (حُسُوماً) متتابعات ، أو من الحسم : وهو القطع والاستئصال.