(فَتَرَى الْقَوْمَ) إن كنت حاضرا في مهابها أو في الليالي والأيام. (صَرْعى) موتى مطروحين هالكين ، جمع صريع. (أَعْجازُ نَخْلٍ) أصول نخل. (خاوِيَةٍ) ساقطة فارغة. (مِنْ باقِيَةٍ) أي من نفس باقية. أو بقاء ، أو بقية أو باق ، والتاء للمبالغة.
(وَمَنْ قَبْلَهُ) من تقدّمه من الأمم الكافرة ، وقرئ : (وَمَنْ قَبْلَهُ) أي أتباعه وجنوده. (وَالْمُؤْتَفِكاتُ) المنقلبات وهي قرى قوم لوط ، والمراد : أهلها. (بِالْخاطِئَةِ) بالخطإ ، أو بالفعلة ذات الخطأ. (فَعَصَوْا رَسُولَ رَبِّهِمْ) عصى كل أمة رسولها. (رابِيَةً) زائدة في الشدة ، زيادة أعمالهم في القبح ، من ربا الشيء : زاد.
(طَغَى الْماءُ) جاوز حده المعتاد ، وارتفع وعلا فوق كل شيء من الجبال وغيرها زمن الطوفان. (حَمَلْناكُمْ) أي حملنا آباءكم وأنتم في أصلابهم. (الْجارِيَةِ) السفينة التي تجري في الماء ، وهي التي صنعها نوح عليه السلاح بإلهام الله وتعليمه ، ونجا بها هو ومن كان معه مؤمنا ، وغرق الآخرون. (لِنَجْعَلَها لَكُمْ) لنجعل الفعلة ، وهي إنجاء المؤمنين وإهلاك وإغراق الكافرين. (تَذْكِرَةً) عظة. (وَتَعِيَها) وتحفظها. (أُذُنٌ واعِيَةٌ) حافظة لما تسمع ، أي من شأنها أن تحفظ ما يجب حفظه لتذكره وإشاعته والتفكر فيه والعمل بموجبه. وتنكير كلمة (أُذُنٌ) للدلالة على قلتها.
التفسير والبيان :
افتتح الله سورة الحاقة بما يدل على تعظيم شأنها ، وتفخيم أمرها ، وتهويل يومها فقال:
(الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ ، وَما أَدْراكَ مَا الْحَاقَّةُ الْحَاقَّةُ) هي القيامة ، سميت بذلك ؛ لأن الأمور تحقّ فيها ، وتثبت وتقع من غير شك ولا ريب ، و (الْحَاقَّةُ) يوم الحق ؛ لأنها تظهر فيها الحقائق.
والمعنى : القيامة التي يتحقق فيها الوعد والوعيد ، والساعة الواجبة الوقوع ، الثابتة المجيء ، أيّ شيء هي في حالها وصفاتها؟ فهي عظيمة الشأن ، شديدة الهول ، لا يدرك حقيقتها ولا يتصور أوصافها غير الله عزوجل. وأي شيء أعلمك بها أيها النبي الرسول؟ فهي خارجة عن دائرة علم المخلوقين ، لعظم شأنها ، وشدة هولها.