قال يحيى بن سلام : بلغني أن كل شيء في القرآن : (وَما أَدْراكَ) فقد أدراه إياه وعلمه ، وكل شيء قال : (وَما يُدْرِيكَ) فهو مما لم يعلمه.
وقال سفيان بن عيينة : كل شيء قال فيه : (وَما أَدْراكَ) فإنه أخبر به ، وكل شيء قال فيه : (وَما يُدْرِيكَ) فإنه لم يخبر به.
ثم ذكر الله تعالى نوع العقاب الذي أوقعه بالأمم السابقة التي كذبت بالقيامة تخويفا لأهل مكة وغيرهم ، فقال :
ـ (كَذَّبَتْ ثَمُودُ وَعادٌ بِالْقارِعَةِ) أي كذبت قبيلة ثمود قوم صالح ، وقبيلة عاد قوم هود بالقيامة وهي القارعة التي تقرع الناس بأهوالها ، والمواد بالانفجار والانتثار. ثم فصل الله تعالى أنواع العقاب ونتائجه فقال :
(فَأَمَّا ثَمُودُ فَأُهْلِكُوا بِالطَّاغِيَةِ) أي فأما جماعة ثمود قوم صالح عليهالسلام ، فأهلكوا هلاكا تاما بالطاغية : وهي الصيحة أو الصاعقة أو الرجفة التي جاوزت الحد في الشدّة ، كما قال تعالى : (وَأَخَذَ الَّذِينَ ظَلَمُوا الصَّيْحَةُ) [هود ١١ / ٦٧] أي الصاعقة ، وقال سبحانه : (فَأَخَذَتْهُمُ الرَّجْفَةُ ، فَأَصْبَحُوا فِي دارِهِمْ جاثِمِينَ) [الأعراف ٧ / ٧٨ ، ٩١] أي الزلزلة ، فالألفاظ مختلفة ، ولكن معانيها واحدة.
(وَأَمَّا عادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عاتِيَةٍ ، سَخَّرَها عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيالٍ وَثَمانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُوماً) وأما قبيلة عاد قوم هود عليهالسلام ، فأهلكوا هلاكا ساحقا بريح شديدة الصوت ، شديدة البرد ، قاسية شديدة الهبوب ، جاوزت الحد لشدة هولها ، وطول زمنها وشدة بردها ، عتت عليهم بغير رحمة ولا شفقة ، وسلطها الله وأرسلها عليهم طوال مدة مستمرة هي سبع ليال وثمانية أيام لا تنقطع ولا تهدأ ، وكانت تقتلهم بالحصباء ، متتابعات ، تحسمهم حسوما ، أي تفنيهم وتذهبهم.