الذين يقتفون آثارهم ، ويترسمون خطاهم ، ويستعينون بالله ، وبه يستنصرون ، لنفوز بالانضمام الى هذا الموكب المشرق الرفيع ، قولا وعملا ، وسمتاً ، وهدياً ، ولنتشرف بمحاولة حمل رسالتهم ، وفي فهمها ، وحفظها ، والعمل بها ، ونشرها .
وانني ـ بحمد لله سبحانه ـ ألمح آثار الاستجابة ، في نفسي ، وولدي ، وفي طليعتهم اليوم ثانيهم « ولدي الجواد » ويتجلى ذلك في كتبه الثلاثة : ١ ـ ( الانسان بين الحياة والموت ) ٢ ـ ( نظريات تتعلق بالكون والمبدأ ) ٣ ـ ( أبو ذر ) وهو الكتاب الذي بين يديك .
فقد أعطاه الله قلماً محبباً مفهماً ، قليل الفضول ، وهداه الى الأخذ بأوائل معالم الطريق ، فهو ممن يهتم في فهم الاسلام ، وفي تفهيمه لأهل هذا العصر بلغتهم ، ثم في عرض الشخصيات الاسلامية النبيلة ، التي ساهمت مع النبي ( ص ) مساهمة فعالة ، في نشر دعوته ، بالسير في سيرته ، في سلوكها ، وأقوالها ، وأفعالها ، فقد كانوا يجسدون الاسلام قولا وعملا ، فكانت أقوالهم حجة على الخاصة ، وأعمالهم دليلا وقدوة للعامة .
وكتاب ( أبي ذر ) الذي هو بين يديك ، يهدف فيه مؤلفه الى تجسيد العقيدة الاسلامية ، بعرض صور للذين اعتنقوا الاسلام وهو في مهده ، صور هي أقرب شيء لواقعهم باحاطة وأمانة ، وتفهم ، وإتقان ، على عكس ما فعله المؤلفون من قبله ، فانهم اذا تحدثوا عن واحد من أولئك ، تحدثوا عنه من جانب واحد ، يتصل بنفسياتهم ، أو بما يهدفون اليه . فمن كان يرغب في الزهد ـ سواء فهم معناه أو لم يفهمه ـ تحدث عن أبي ذر من هذه الناحية فقط ، ومن كانت ميوله ، انحرف بسيرة أبي ذر الى ما يتلائم مع ميوله .