قال طفيل الغنوي :
وغارة كجراد الريح زعزعها |
|
مخراق حرب كنصل السيف بهلول ١ |
وهم يرون في ذلك ردءاً لهم من الغارات التي يمكن أن تشنها عليهم القبائل الأخرى ، كما يرون في ذلك إظهارا لشجاعتهم وقوتهم حتى لا يفكر الآخرون بغزوهم .
قال المثقب العبدي :
ونحمي على الثغر المخوف ويُتقى |
|
بغارتنا كيد العدى وضُيومُها ١ |
وقال الآخر :
ومن لم يذدْ عن حوضه بسلاحه |
|
يُهدَّم ومن لم يظلم الناس يُظلَم |
والمسلمُ الحقيقي شجاع ايضا بمقتضى تركيبته الذهنية الخاصة التي صقلها الاسلام ، وروحه الرسالية المستمدة منه . فهو لا يعرف معنى الخوف من الموت ـ في الله ـ لأنه مؤمن بسلامة المصير ، فلا يرى غير الجنة اعدت للمتقين في الآخرة . ومتى كان الامر كذلك ، يهون عليه كل شيء في سبيل ذلك حتى نفسه . وتأريخنا الاسلامي حافل بالبطولات والتضحية كما هو بيِّن وواضح لدى كل من يتتبعه .
وصاحبنا أبو ذر رضي الله عنه ، الذي هو موضوع بحثنا الآن ، كان ممن اتسم بأعلى معاني البطولة والشجاعة ، في الجاهلية ، وفي الاسلام .
__________________
(١) شعر الحرب في العصر الجاهلي ٨٠ و ٤٦٢ ( البهلول : السيد الجامع لكل خير ) و ( المخراق : الرجل الحسن الجسيم المتصرف بالامور الذي لا يقع في أمر الا خرج منه ) .