وقال : دخلت ذات يوم في صدر نهاره على رسول الله ( ص ) في مسجده ، فلم أر في المسجد أحداً من الناس إلا رسول الله صلی الله عليه وآله ، وعلي عليه السلام جالس الى جانبه ، فاغتنمت خلوة المسجد ، فقلت : يا رسول الله ، بأبي أنت وأمي ، أوصني بوصية ينفعني الله بها .
فقال صلى الله عليه وآله : نعم ، واكرم بك يا أبا ذر ، إنك منا أهل البيت . . ١ وقد ذكرت وصيته بكاملها في آخر الكتاب ، وهي من عظيم كلامه ( ص ) ، وتصلح أن تكون بذاتها موضوعاً مستقلا يدرس .
وفي ميدان معارفه وعلومه التي اكتسبها من النبي ( ص ) نذكر ما قاله أمير المؤمنين علي ( ع ) حين سئل عن أبي ذر . فروي أنه قال في ذلك :
وعى أبو ذر علما عجز الناس عنه ، ثم أوكأ عليه ، فلم يخرج شيئاً منه . ٢ وانما أوكأ أبو ذر على ذلك العلم ، ومنعه عن الناس ، لأنه لا تحتمله عقولهم .
وفي رواية أخرى عن علي عليه السلام ، فيه :
« وعى علما عُجز فيه ، وكان شحيحاً حريصاً على دينه ، حريصا على العلم ، وكان يكثر السؤال ، فيُعطى ويَمنع ، أما ان قد ملیء في وعائه حتى امتلأ . » ٣
وجاء عن كتاب حلية الأولياء : في هذا الصدد :
كان أبو ذر رضي الله تعالى عنه ، للرسول ( صلى الله عليه وآله )
__________________
(١) تنبيه الخواطر ٢ / ٣٠٠ .
(٢) الاستيعاب / حاشية على الاصابة ٤ / ٦٤ .
(٣) الغدير ٨ / ٣١١ .