والذي وجدته ـ بعد التأمل والتدقيق ـ أن أبا ذر كان قد أقام في الشام مدة طويلة ، ربما نافت على العشرة سنوات . تسنى له من خلالها نشر مذهبه في التشيع لعلي وأهل البيت عليهم السلام .
وعليّ الآن ، أن أعرض للقاریء كلمات بعض المؤرخين والباحثين ، الذين ذهبوا الى القول : بأن أبا ذر أُخرج الى الشام منفيَّاً ، ليتسنى له المقارنة بينها وبين النصوص الاخرى التي تؤكد خلاف ذلك .
قال ابن ابي الحديد في شرح النهج :
« واعلم : أن الذي عليه اكثر أرباب السيرة ، وعلماء الاخبار والنقل ، أن عثمان نفى أبا ذر أوّلا الى الشام ، ثم استقدمه الى المدينة لمَّا شكا منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة الى الربذة ، لما عمل بالمدينة نظير ما كان يعمل بالشام . » ١
وقال السيد المرتضى رحمه الله تعالى :
« بل المعروف والظاهر ، أنه نفاه أوّلا الى الشام ، ثم استقدمه الى المدينة لما شكا منه معاوية ، ثم نفاه من المدينة الى الربذة . . » ٢
وقال السيد الامين رحمه الله :
« وما كان أبو ذر ليترك المدينة ، مهاجر رسول الله صلى الله عليه وآله ، ومسجده ، ومجاورة قبره ، اختيار ، ويذهب الى الشام ، فيجاور بني أميَّة ، وانما خرج الى الشام منفياً . » ٣
__________________
(١) شرح النهج ٨ / ٢٥٥ ـ ٢٥٦ .
(٢) اعيان الشيعة ١٦ / ٣٦٣ .
(٣) نفس المصدر / ٣٥٣ / ٣٥٤ .