الى غير ذلك من أقوال غيرهم ، التي تفيد الشهرة حول هذا الامر ، والشهرة في هذا المقام لا تغني من الحق شيئا ، فرب مشهور لا أصل له ، سيما اذا قام الدليل على خلافه .
والآن نعرض للقاریء بعض النصوص الاخرى ، نضعها بين يديه للتأكد مما نرمي اليه ، من القول : بأن إقامة أبي ذر في الشام كانت طويلة جدا ، وكانت بادیء الامر بمحض اختياره ورغبته ، وكامل حريته ، إلا أن حريته في الذهاب الى المدينة المنورة ، ومجاورة قبر الرسول ( ص ) متى شاء ، أصبحت مقيدة آخر الامر بسبب ما جرى بينه وبين عثمان .
قال في الاستيعاب :
« بعد أن أسلم أبو ذر ، رجع الى بلاد قومه ، فأقام بها حتى مضت بدر ، وأحد ، والخندق ، ثم قدم على النبي ( ص ) المدينة ، فصحبه الى ان مات صلى الله عليه وآله .
ثم خرج بعد وفاة أبي بكر الى الشام ، فلم يزل بها حتى ولي عثمان ، ثم استقدمه عثمان لشكوى معاوية ، فنفاه وأسكنه الربذة ، فمات بها . . » ١
وهنا ، يحق لنا التساؤل :
ما هو المبرر لرفض هذه الرواية . ؟ مع أن هناك الشواهد الكثيرة على صحة مضمونها ! ؟
إن رفض هذه الرواية ، لا مبرر له ، فأي مانع من أن يكون أبو ذر ، قد أقام في الشام بمحض اختياره ، إن لم نقل بأنه كان يتعرض لمضايقات معينة
__________________
(١) الاستيعاب ( حاشية على كتاب الاصابة ) م ١ ص ٢١٣ .