فعلى هذا تكون الفترة ما بين خروج أبي ذر الى الشام ونفيه الى المدينة سبعة عشر سنة . على رواية الاستيعاب !
ثانيا : النصوص التي تتحدث عما أوجده أبو ذر ، ـ في اقامته تلك ـ من تغيير في ذهنية المجتمع الشامي ، وصرفه الناس اليه ، وأخذهم منه الحكم والفتيا واجتماعهم من حوله ، من جهة ، وميل المعسكر الذي كان فيه ، اليه من جهة أخرى . الى حدّ حرك في نفس معاوية الخوف من عواقب ذلك . فكتب الى عثمان يحمله اليه . واليك بعض هذه النصوص :
ا ـ قول حبيب بن مسلمة الفهري لمعاوية : « إن أبا ذر لمفسد عليكم الشام ، فتدارك أهله ، إن كان لك فيه حاجة . . ١
ب ـ كتب معاوية الى عثمان : « إن أبا ذر تجتمع اليه الجموع ، ولا آمن أن يفسدهم عليك ، فان كانت لك في القوم حاجة ، فاحمله اليك . . » ٢
ج ـ وكتب اليه : « إن أبا ذر قد حرف قلوب أهل الشام ، وبغضك اليهم فلا يستفتون غيره ! ولا يقضي بينهم إلا هو . ! » ٣
د ـ « قول عثمان لأبي ذر حين طلب الرجوع الى الشام : « انما جلبتك من الشام لما قد أفسدتها ! أفأردّك اليها ! ؟ ٤
ويؤيد ذلك ، كلام ابن بطال المتقدم : « كان في جيش معاوية ميل الى أبي ذر ، فأقدمه عثمان خشية الفتنة » .
__________________
(١) شرح النهج ٨ / ٢٥٧ .
(٢) مروج الذهب ٢ / ٣٤٠ .
(٣) رجال بحر العلوم ٢ / ١٥٢ .
(٤) شرح النهج ٨ / ٢٦٠ .