إن هذه النصوص ، تزودنا بالكثير حول ( اقامته الطويلة في بلاد الشام ) . فقد كانت اقامته هذه تقضّ مضاجع الحكام آنذاك ، فقد استطاع هذا الصحابي الجليل ، أن يستقطب الاكثرية من الناس ، يعضهم ويرشدهم ، ويذكرهم بأيام الله . وينوّه بمقام أهل البيت عليهم السلام ، ومكانتهم وفضلهم ، وما ورد فيهم على لسان رسول الله ( ص ) الى غير ذلك مما جلب على معاوية المتاعب ، فكتب فيه الى عثمان .
وهنا سؤال يفرض نفسه :
أترى ، كان باستطاعته أن يقوم بهذه الادوار الخطيرة ، خلال أشهر أو سنة ! ؟ كما يدعي أكثر الكتَّاب والمؤرخين .
فهل أن تغيير ذهنية مجتمع بكامله ، كان يتعاطف مع الامويين ، ولم يعرف غيرهم ، وتزويده بذهنية جديدة ذات طابع معيَّن ، من السهولة بمكان ؟ ؟ كما ربما يتصور البعض .
إن تصور هذا من البعد بمكان .
فان عملية إفساد المجتمع الشامي على معاوية ومن ولَّاه ، لا بد وأنها استغرقت سنين عديدة ، لأن تغيير المرتكزات الذهنية السائدة لدى أي مجتمع كان ، لا يمكن أن يتم في خلال أشهر معدودة .
من هنا ، ومما ذكرنا آنفا ، يسهل علينا الوصول الى الحقيقة التاريخية الهامة التي أغفلها المؤرخون القدماء ، وتكتم فيها كثيرون .
أغفلها المؤرخون ، إما إستخفافا بأهلها ، أو فرقا من الحكام الذين كانوا في زمانهم .
وتكتم فيها كثيرون ، خوفا على دمائهم وأموالهم .