فبلغ الخبر علياً ( ع ) ، فغضب ، وشتم عَمراً ، وقال : أذى الله ورسوله .
ثم قام ، فأتى المسجد ، فاجتمع اليه كثير من قريش ، وتكلم مغضبا فقال :
« يا معشر قريش ، إن حُبَّ الانصارِ إيمان ، وبغضهم نفاق ، وقد قضوا ما عليهم ، وبقي ما عليكم ، واذكروا أن الله رَغِب لنبيكم عن مكة ، فنقله الى المدينة ، وكرِهَ له قريشاً ، فنقله الى الانصار ، ثم قد منا عليهم دارَهُم ، فقاسمونا الاموالَ ، وكفونا العمل ، فَصِرنا منهم بين بذل الغني ، وايثار الفقير ، ثم حاربَنا الناس ، فوقونا بأنفسهم ، وقد أنزل الله تعالى فيهم آية من القرآن ، جمع لهم فيها بين خمس نِعَم فقال : « وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ . » ٥٩ ـ ٩
ألا وان عمرو بن العاص قد قام . قاماً أذى فيه الميت والحي ، ساء به الواتر ، وسر الموتور ، فاستحق من المستمع الجواب . ومن الغائب المَقت ، وانه : مَن أحب الله ورسوله ، أحب الأنصار ، فليكفف عمرو عنا نفسه .
فمشت قريش عند ذلك الى عمرو بن العاص ، فقالوا : أيها الرجل ، أما اذا غضب عليّ فاكفُف .
وقال حسان بن ثابت في ذلك أبياتاً ، منها :
جزى الله عنا والجزاءُ بكفِّه |
|
أبا حسن عنا ومن كأبي حَسنْ |
سبقت قريشاً بالذي أنت أهله |
|
فصدرك مشروح وقلبُكَ ممتحنْ |