والمؤاخذة السلبية هنا تعم الأولى والأخرى ، في خطإ أو نسيان ، وترى الإنسان مؤاخذ بالخطإ والنسيان؟ وهما خارجان عن الوسع ، فإنما المعصوم بعصمة الله هو الذي لا ينسى أمرا ولا يخطأ فيه ، ثم من دونه قد ينسى أو يخطأ! فما هو دور ذلك الدعاء بعد (لا يُكَلِّفُ اللهُ نَفْساً إِلَّا وُسْعَها)؟! ا
لخطأ والنسيان هما اثنان ، ثانيهما ما هما من حصائل التساهل والتغافل تقصيرا ، والأول قصور والإيمان قيد الفتك على أية حال ، فعلى المؤمن النّبهة الدائبة لكيلا يتورّط في ورطات الخطإ والنسيان ، لذلك ترى العارف بقذارة ـ في ثوبه أو بدنه ـ ممنوعة في الصلاة ، إذا نسيها وصلى معها ، كانت الإعادة عليه واجبة ، مهما لم يؤاخذ بنسيانه كذنب ، فإنما يؤاخذ بالإعادة ، وكذلك في باب الأخطاء كما نرى مؤاخذات فيها دون العقوبة ، أم ومعها إذا تجاوز طورها في حقل المعرفة والعبودية.
فالخطأ والنسيان عن قصور ذاتي لا مؤاخذة فيهما إذ ليسا من العصيان ، وهما عن تقصير بتناس وتساهل يخلّفان الخطأ والنسيان ، يسأل فيهما عدم المؤاخذة هنا.
ولكنهما في تقصير معّمد أولا وأخيرا عصيان لا مرد له إلّا بتوبة أم شفاعة أماهيه من مكفرات ، فإنهما يحلقان على كل عصيان عقيدي أو عملي : (فَلَمَّا نَسُوا ما ذُكِّرُوا بِهِ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ أَبْوابَ كُلِّ شَيْءٍ) (٦ : ٤٤) (فَالْيَوْمَ نَنْساهُمْ كَما نَسُوا لِقاءَ يَوْمِهِمْ هذا) (٧ : ٥١).
وليس المؤمنون يتبجحون بالخطيئة ، إعراضا عن أمره تعالى ونهيه ابتداء ، فإنما هو الخطأ والنسيان اللذان يحكمان الإنسان حين ينتابه الضعف البشري الذي لا حيلة له فيه ولا حول عنه ، أو الطوارئ المقصرة غير العامدة.
وقد تعم (لا تُؤاخِذْنا إِنْ نَسِينا أَوْ أَخْطَأْنا) التقصيرين فيهما ، وهذا