ذلك ومن قتلهم الأنبياء إذاعة أسرارهم المسبّبة لقتلهم (١) حيث المسبب للقتل قاتل مهما اختلف قاتل عن قاتل.
(سَنَكْتُبُ ... وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) وهو نفسه المكتوب عليهم من أقوالهم وأعمالهم المسجلة في مختلف سجلّات الكون.
وترى كيف يتفوه عاقل مهما كان جاهلا بهذه القولة القاحلة الجاهلة مهما كان مشركا فضلا عن اليهود وهم أهل كتاب؟.
قد تكون هذه منهم على سبيل الهزء والإلزام ، أن لو كان محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) نبيا وكان القرآن كتابا من الله لما تطلّب إلى ربه قرضا من عبيده ، ولا نبيّه قرضا منا ، ولا أمته فقراء ، ثم وليس بذلك البعيد جدّ هذه القولة ممن يقتلون الأنبياء بغير حق ، وكما قالوا قيلات مثلها ينقلها القرآن ك (يَدُ اللهِ مَغْلُولَةٌ) واضرابها.
(ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَأَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) (١٨٢).
«ذلك» العذاب وكتابة قولتهم وفعلتهم (بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ) منهما ، فأصبحتا منسوختين في سجلات الأقوال والأفعال ، ثم ظاهرتين يوم الحساب بواقعهما ، فليس العذاب ـ إذا ـ إلا ما قدمت أيديكم كما قدمت ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) ـ (بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ).
ف (ذلِكَ بِما قَدَّمَتْ أَيْدِيكُمْ وَ) ب (أَنَّ اللهَ لَيْسَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) فلو كان ظلّاما للعبيد لما عذبكم بما عذبتموهم ، فترك العذاب عمن عذب العبيد ليس ظلما ، بل التارك ظلام للعبيد ، فإنهم ظلموا على علمه وقدرته ، وقد وعد
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٤١٦ في اصول الكافي عن أبي بصير عن أبي عبد الله (عليه السلام) في الآية فقال : اما والله ما قتلوهم بأسيافهم ولكن كانوا أذاعوا أمرهم وأفشوا عليهم فقتلوا.