حاسبين بسوء تصورهم ان الله بحاجة الى ما آتاهم من فضله ، رأوا اولياء الله فقراء فقالوا : «لو كان غنيا لأغنى أولياءه ففخروا على الله بالغنى» (١) ، ورأوا أن أفضلهم وهو محمد (صلى الله عليه وآله وسلم) قد يستقرضهم وسواهم لسد جوعته ، فقد تقولوا قيلات وتفعلوا افتعالات لا نجدها بين سائر الأقوام حتى المشركين رغم أنهم أولاء أهل كتاب.
(سَنَكْتُبُ ما قالُوا) نسخة طبق الأصل عما قالوا (إِنَّا كُنَّا نَسْتَنْسِخُ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) و (سَنَكْتُبُ ... قَتْلَهُمُ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ) ، وترى هذه الكتابة إن كانت هي ذلك الاستنساخ فلما ذا «سنكتب» مستقبلا عن نزول هذه الآية وبينها وبينهم أمة من الزمن؟.
القصد من الكتابة هنا هو واقعها العذاب بعد واقع الكتاب ، وكما تلمح له (وَنَقُولُ ذُوقُوا عَذابَ الْحَرِيقِ) فان هذا القول لا دور لواقعه إلّا بعد الموت حيث هو بداية العذاب.
فكتابة قولتهم هذه وقتلهم الأنبياء بغير حق هي كتابة الملكوت ان تظهر القولة والقتلة وسائر القيلة والغيلة بمظهر الواقع المستور هنا المشهور هناك ف (لَقَدْ كُنْتَ فِي غَفْلَةٍ مِنْ هذا فَكَشَفْنا عَنْكَ غِطاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ).
ولقد حفظ تاريخ بني إسرائيل سلسلة عظيمة أثيمة من قتلهم الأنبياء بغير حق ، آخرها محاولة اغتيال المسيح (عليه السلام) زاعمين انهم قتلوه ، متباهين بذلك الجرم العظيم (وَما قَتَلُوهُ وَما صَلَبُوهُ وَلكِنْ شُبِّهَ لَهُمْ).
__________________
(١) في تفسير العياشي في الآية عن الصادق (عليه السلام) قال : والله ما رأوا الله حتى يعلموا انه فقير ولكنهم رأوا اولياء الله فقراء فقالوا : لو كان غنيا لأغنى أولياءه ففخروا على الله بالغنى.