انعكاس الأعمال والأقوال والأحوال ، فحين لا يضيع عمل عامل وهو باق غير حابط ، فليجز به يوم القيامة ف (إِنَّما تُجْزَوْنَ ما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) فليس ـ إذا ـ مجرد العقيدة والتفكير والذكر هي الغاية الايمانية ، وانما هذه التي تنحو نحو العمل ، العمل الايجابي تحقيقا واقعيا لذكر الله والايمان بالله ، فالعمل الصالح هو الثمرة الواقعية للفظ الايمان وعقيدته وطويته ، ولا سيما العمل الجاد في الجهاد.
ثم ولا فارق في عدم الضياع بين ذكر وأنثى فلا تفرقة ناشئة من اختلاف الجنس ، فان
بعضكم من بعض (١) فانما الفارق هو فارق الأعمال ، حسب درجاتها ودرجات النيات والطويات.
(فَالَّذِينَ هاجَرُوا) في الله حفاظا على شرعة الله ، (وَأُخْرِجُوا مِنْ دِيارِهِمْ) وعلّ الفارق بينهما ان الأولين هاجروا بايمانهم دون إخراج مهما كان إحراج ، خرجوا أو لم يخرجوا ، فانما هو عموم الهجرة في الله مهما كان من مصاديقه الهجرة من الديار ، والآخرين أحرجوا حتى أخرجوا ، كمصداق من مصاديق الهجرة في الله : (وَأُوذُوا فِي سَبِيلِي) محرجين ومخرجين ، إيذاء في نفس او مال او منال.
«وقاتلوا» في سبيل الله حتى «وقتلوا» فمن المقاتلين من يقاتل دون ان يقتل او يقتل ، ومنهم من يقال ليقتل ولا يقتل ، ثم منهم من يقاتل ليقتل وإذا لزم الأمر أن يقتل ، وهؤلاء الآخرون هم المعنيون ب (قاتَلُوا وَقُتِلُوا).
(لَأُكَفِّرَنَّ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ) كلها دون إبقاء حيث استقصوا التضحيات
__________________
(١) الدر المنثور ٢ : ١١٢ ـ اخرج جماعة عن ام سلمة قالت يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) لا اسمع الله ذكر النساء في الهجرة بشيء فأنزل الله (فَاسْتَجابَ لَهُمْ رَبُّهُمْ أَنِّي لا أُضِيعُ عَمَلَ عامِلٍ مِنْكُمْ مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثى) ، قالت الأنصار هي اوّل ظعينة قدمت علينا.