يأمر بوضع كل منها في موضعها من سورة مفتوحة فترة طويلة او قصيرة حتى تنظم آياتها كما هي الآن بين أيدينا ، وكما كانت آيات من البقرة وآل عمران نزلت في مختلف العهد المدني على طوله.
كذلك سورة النساء ، فان آياتها مختلفة النزول في زمنها وقد اتسقت بالسياق الحاضر حسب الوحي كما انها نزلت بالوحي ، مهما لم يتعرف غير العارفين وحي القرآن الرباط القاصد بين آياته ، فكل آية او آيات تحمل وحيين اثنين ، ثانيهما هو الذي يقرر مكانها من سورة مقررة لها.
فترتيب الآي القرآنية حسب التأليف ترتيب قاصد من الله بخلاف ترتيب التنزيل فانه كان حسب الحاجات والمتطلبات التي لا رباط بينها ، فانما يوجد قاصد الترتيب بينها في التأليف دون التنزيل ، اللهم إلّا فيما كان مرتب الآيات تنزيلا وتأليفا كالسور والآيات المرتبة كما نزلت.
والأصل القرآني فيما يشك اختلاف تأليفه عن تنزيله هو وفاقهما ، لان الترتيب قاصد فالمناسبة فيه مقصودة كأفضلها في ميزان الله.
ففيما نتأكد اختلاف التأليف عن التنزيل أو نتأكد وفاقهما فالأمر بين الأمرين ، وحين نشك فهما محمولان على الوفاق لأنهما من الرفاق في قاصد التأليف.
ثم وهذه السورة الثورة تمثّل جانبا أصيلا منقطع المثل مما تبناه القرآن للحياة الإسلامية السامية ، تفاعلا للإنسان المؤمن مع المنهج الرباني وهو يقود خطاه في المرتقى الصاعد من السفح الهابط الخابط الى القمة السامقة المرقومة ـ خطوة تلو خطوة ـ بين تيارات المطامع والشهوات والرغبات المضادة من أضداد الايمان أم بسطاء الإيمان ولمّا يدخل الايمان في قلوبهم ، ومن ثم وسطاء الايمان حيث تعرضهم لهم.