مكان ، فالناس في معنى الجمع وهو محلى باللام فيفيد الاستغراق ، وقضية التقوى وهي الخلق من نفس واحد تشملهم كلهم دونما استثناء ، فلا اختصاص له بناس دون ناس ، اللهم إلّا من انقرض من الأنسال السابقة التي ليس لها حظ في هذا القرآن من أي خطاب اللهم إلّا إشارة في آية الخلافة وأضرابها أنها كانت تعيش قبل هذا النسل الأخير.
وقد يشمل الناس كل الأنسال الانسانية ـ سابقة على هذا النسل ولاحقة ـ لولا قرينة قاطعة ، وهنا (نَفْسٍ واحِدَةٍ) قرينة على اختصاص الناس بهذا النسل ، وإلا فلا تصح (نَفْسٍ واحِدَةٍ) بل أنفس كل ناس خلق من واحدة.
ف (نَفْسٍ واحِدَةٍ) هي الإنسان الأول من هذا الناس والأب الأول للناس ، فلا تعني كائنا آخر أيا كان ، ولم تأت النفس في القرآن بطيات الآيات ال (٢٩٥) إلّا وتعني الإنسان ، اللهم إلا في (كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلى نَفْسِهِ) (٦ : ١٢) و (لا أَعْلَمُ ما فِي نَفْسِكَ) (٥ : ١١٦) ، فاحتمال انها تقصد حيوانا غير انسان ، إذا خليات ام ذا خلية واحدة ، إنه هابط خابط.
ف (خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ واحِدَةٍ) تنهي خلق الناس كلهم إلى هذه النفس الواحدة ، ولكن (وَخَلَقَ مِنْها زَوْجَها) تضيف إليها زوجها المخلوق منها في انتسال الناس منهما ، والواو ـ بطبيعة الحال ـ هنا حالية تعني «خلقكم ..» والحال انه خلق منها زوجها ليخلقكم كلكم من ذكر وأنثى كما في آية اخرى : (إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَأُنْثى) فالذكر هو تلك النفس الواحدة وزوجها هي التي خلقت منها ، فخلقنا من نفس واحدة ـ وخلق منها زوجها ـ يختلف عن خلق زوجها منها ، فإنها خلقت منها دون توالد متعود ، ونحن خلقنا منها بتوالد بين ذكر وأنثى ، فلأن زوجها خلق منها يصح أننا خلقنا منها ، اي منها وزوجها المخلوق منها ، اللهم الا في عيسى المخلوق من أم دون أب ولكن امه مخلوقة