وهو أولى درجات التقوى الاقتصادية والشرعية كما يناسب حقل التصرفات المالية لكل من اليتيم واليتيمة في خضم المجتمع العام ، فلا يكفي رشد يخص جزئيات التصرفات المالية ، لدفع كل أمواله إليه ، وإنما يقدر الدفع بقدر الرشد.
ولأن المسرف والمبذر والذي يصرف ماله في حرام هو سفيه غوي ـ فلا يصدق عليه أنه رشيد ـ لم يجز دفع ماله إليه ، اللهم إلّا قدر رشده كيلا يضيع ماله وتضيع حاله.
فهنا شدّات ثلاث لجواز دفع مال اليتيم إليه ، شد النكاح لمكان (حَتَّى إِذا بَلَغُوا النِّكاحَ) وشد الرشدين ماليا وحاليا حسب الشرع كما يعنيه «رشدا» و (لا تَقْرَبُوا مالَ الْيَتِيمِ إِلَّا بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ حَتَّى يَبْلُغَ أَشُدَّهُ) (١٧ : ٣٤) (فَأَرادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغا أَشُدَّهُما وَيَسْتَخْرِجا كَنزَهُما) (١٨ : ٨٢) والأشدّ جمع الشّدّ وأقله ثلاث شدات هي بلوغ النكاح والرشدين عقليا وشرعيا ويجمعهما الإستواء : (وَلَمَّا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَاسْتَوى آتَيْناهُ حُكْماً وَعِلْماً) (٢٨ : ١٤) وقد يتقاضى بلوغ الأشد حد الأربعين : (حَتَّى إِذا بَلَغَ أَشُدَّهُ وَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً) (٤٦ : ١٥).
فالمستوى في حياته في شد الجسم والعقلية الإسلامية هو الذي بلغ رشدا ، والمحور الأصيل هنا شد الرشدين فإن رشد دون بلوغ النكاح فقد يقال بجواز دفع ماله إليه ، وأما إن بلغ النكاح دون رشد فلا وإن بلغ أربعين فإنه ـ إذا ـ سفيه محجور عليه ، ذلك! وقد يأتي اشتراط بلوغ النكاح مع الرشد لآيات الأشد وغيرها.
ف «إذا» هنا ظرفية شرطية جزائها الجملة (فَإِنْ آنَسْتُمْ ..) فليس بلوغ النكاح إلا ظرفا متعودا لإيناس الرشد ، وليس شرطا مستقلا قبله بحياله ، ولكن الأقوى اشتراطه كما يأتي ، وهنا فروع عدة :