فشعور الفرد بأن جهده سيعود بأثره على المختصين به نسبا أو سببا ، إنه يحفره إلى مضاعفة جهده ليحفظه في استمرارية كيانه وهي الأقربون.
وفي ذلك نتاج مباشر للأقربين ، وآخر غير مباشر للجماعة المسلمة حيث الإسلام ليس ليقيم الفواصل بين الأفراد والجماعات ، فكل ما يملكه الأفراد هو بالنتيجة للجماعة وكل ما تملكه الجماعة هو للأفراد ، فهو ـ إذا ـ يبتنى الأصلين : أصالة الفرد والجماعة ، الفرد في الجماعة والجماعة لصالح الأفراد!.
إن الوارث ـ أيا كان ـ هو امتداد للمورث في الكيان قضية الفطرة المحبّة للبقاء ، فالذي يعترض على الإرث أنه أكل دون مقابل ، هو معترض على امتداد كيان المورث ، فلا أقل أنه هبة من المورّث للذي يراه امتدادا له بعد موته.
فهؤلاء الحماقى الذين يسمحون لأنفسهم أخذ المال وصرفه بغير الحلال ، هنا لا يسمحون بما يوافق فطرة الله وشرعة الله!.
ولقد كان الميراث قبل نزول آياته هذه مقررا بين المؤمنين بأخوة الإيمان كما كان بالقرابة ، فلما قويت شوكة الإسلام وضعفت الشائكة ضد الإسلام ، انحصر الميراث بالأقربين : (وَأُولُوا الْأَرْحامِ بَعْضُهُمْ أَوْلى بِبَعْضٍ فِي كِتابِ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُهاجِرِينَ إِلَّا أَنْ تَفْعَلُوا إِلى أَوْلِيائِكُمْ مَعْرُوفاً) (٣٣ : ٦) كما فصلناه في الأحزاب.
فقد نسخ التوريث الجاهلي عن بكرته أولا بميراث بين الإخوة في الإيمان والمهاجرة والنصرة الإيمانية ، ثم نسخ مرة ثانية بنسخ هذا الميراث المشارك للأقربين باختصاصه بهم.
فإلى قاعدة رصينة متينة قرآنية في حقل التوريث لم تنسخ ـ ولن ـ الى يوم القيامة :