ابتداء باللسان وانتهاء بالضرب كما في باب النهي عن المنكر ككل ، فلا يؤذى بالضرب من ينتهي باللوم ، ولا يكتفى باللوم من لا ينتهي إلا بالضرب ، وليس الإيذاء ـ فقط ـ نهيا عن استمرارية الفاحشة ، بل هو حد ونهي ، فإن تاب وأصلح فلا إيذاء مهما كانت التوبة قبل الإيذاء حيث يزول الحد بهما (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).
ذلك ، (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا) توبة الى الله عن الفحشاء وإصلاحا بها وبعدها ، فقد يتوبان عما سلف دونما تصميم على تركها بعد ، أم يتوبان نصوحا دونما إعلان للذين شهدوا الفحشاء أم عرفوها ، فهاتان من التوبة غير المصلحة مهما كانت صالحة في نفسها بقدرها ، وطليق «أصلحا» يعمم الإصلاح ما أمكن فيما أفسدا ولا يكلف الله نفسا إلا وسعها.
والتفريع في «فإن» يؤذن بإن الحد والإيذاء محدودان بما قبل التوبة المصلحة ، (فَإِنْ تابا وَأَصْلَحا) من ذي قبل فلا حد ولا إيذاء ، ولا سيما إذا كانت التوبة قبل الشهادة.
(فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) على أية حال ، فإن كانت التوبة قبل الإيذاء فإعراضا عن أصله ، وإن كان ضمنه فإمساكا عنه (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً) توابا على التوابين ، رحيما بالمسترحمين.
وفي ذلك الاعراض سلبية الإيذاء وإيجابية الإصلاح ، فكما التوبة منهن اعراض عن الفاحشة والإصلاح تطهير لهن عن مخلفاتها ، كذلك على المجتمع الإسلامي التماشي والتجاوب معهن مساعدة لهن في كلتا المرحلتين (إِنَّ اللهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً).
إذ كما أنه هو الذي شرع العقوبة كذلك هو الذي أمر بالكف عند التوبة والإصلاح ، فإنما المخاطبون في (فَأَعْرِضُوا عَنْهُما) هم أداة تنفيذ لما يأمر الله ،