فانه صيغته نفسه ، ولا الاصابة الاولى فقط فان صيغتها هي نفسها ، بل هو مثنى إصابة الحس قضية بلاغة التعبير ولباقته : (إِذْ تَحُسُّونَهُمْ بِإِذْنِهِ) حيث الإصابتان هما من فعل الله كما وعد ، وليست القلة القليلة عدة وعدة مما تأتي بواحدة منهما.
وذلك الحسّ كان مستمرا في أحد (حَتَّى إِذا فَشِلْتُمْ وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ وَعَصَيْتُمْ) : ثالوث منحوس من التخلف عن قواعد الحرب وقوائدها.
فلقد «فشلتم» عن مواصلة المقام في مقاعدكم المقررة ، ففشلتم عن الحرب (وَتَنازَعْتُمْ فِي الْأَمْرِ) أمر المقام وأمر القيام «وعصيتم» امر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وهم أولاء الذين تركوا مقاعدهم إلى اكتساب الغنيمة بعد انهزام العدو (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ ما تُحِبُّونَ) من الإنتصار الذي كنتم له بانتظار ، والغنيمة المتروكة بعد الانتصار.
وقد تعني (مِنْ بَعْدِ ما أَراكُمْ) ـ فيما عنت ـ الإنتصار في بدر ، كما تعنيه ـ فيما عنت ـ (لَقَدْ صَدَقَكُمُ اللهُ وَعْدَهُ).
وما ذلك الفشل والتنازع والعصيان إلا لأن (مِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الدُّنْيا) تاركين المقاعد المقررة إلى الغنيمة ، فاغتنمه المشركون فتراجعوا عن هزيمتهم إلى عزيمتهم للانتصار.
ثم (وَمِنْكُمْ مَنْ يُرِيدُ الْآخِرَةَ) فالأولون انجرفوا الى ذلك الثالوث المنحوس والآخرون ابتلوا ببلاء الهزيمة ولكنهم ظلوا صامدين.
(ثُمَّ صَرَفَكُمْ عَنْهُمْ لِيَبْتَلِيَكُمْ) والصرف هنا هو الإبعاد عن مواصلة القتال ، وترى كيف ينسب ذلك الصرف إلى الله والانصراف عن قتال العدو محرم في شرعة الله؟.
إن ذلك الصرف هو من فعلهم لما انجرفوا في هوّة الثالوث : فشلا وتنازعا