لأن عناية أكثر من معنى واحد في استعمال واحد لكلمة صالحة غير محظور لمقام جمع الجمع الرباني ، بل لحضاضة التعلق الأول في صراحة (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) فإن «من» لا تصلح نشويا للأمهات حيث لا ينشأن من البنات ، ولا بيانا لهن ، فإن (مِنْ نِسائِكُمُ) لا تصلح بيانا للأمهات ، ولا بيانا للنساء فإنه تحصيل للبيان الحاصل بذكر النساء ، وإنما يصح الحذف فيما إذا كان الذكر صالحا ، ولا تصلح (وَأُمَّهاتُ نِسائِكُمْ ... مِنْ نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ) إنما هو (نِسائِكُمُ اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ).
ذلك! فضلا عن التلميح به ضمن الظاهر من ثاني التعلقين ، ثم الفصل بين النسائين مما يجعل مثنى التعلق خفاء في البيان وجفاء في كتاب التبيان ، وساحة القرآن براء من هذه التحذلقات الخفية التي هي في نفس الوقت ركيكة!.
ذلك إضافة الى لزوم وصف واحد لموصوفين مختلفي العامل حيث الأول مجرور بالإضافة والثانية بمن.
فلو كان القيد جاريا في الأولى كما الثانية لكان صحيح التعبير وفصيحه «وأمهات نساءكم اللاتي دخلتم بهن وربائبكم اللاتي في حجوركم من هؤلاء النساء ـ أم ـ واللاتي دخلتم بهن» دون أن يهمل تقييد الأولى التي هي أحرى من الثانية اعتمادا بتحمل «من» ذلك التعلق ـ التحذلق الركيك ـ بالأولى ، فضلا عن الاعتماد بالروايات المقيدة المعارضة بترك القيد (١) ومع الغض عن كل
__________________
(١) كما في آيات الأحكام للجصاص ٢ : ١٥٦ بسند متصل عمرو بن شعيب عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : «أيما رجل نكح امرأة فدخل بها فلا يحل له نكاح ابنتها وإن لم يدخل بها فينكح ابنتها وأيما رجل نكح امرأة فدخل بها أو لم يدخل بها فلا يحل له نكاح أمها»
وفي الدر المنثور ٢ : ١٣٥ ـ أخرجه من عدة طرق عنه عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) قال : ـ