في أمته على حد قوله (صلى الله عليه وآله وسلم) : «ان ربي تبارك وتعالى استشارني في امتي» (١).
هكذا تربى الامة بالشورى بينهم وتدرب على حمل التبعة ، لتعرف كيف تصلح آراءها وتصحح أخطاءها ، فالإسلام لا يريد من الأمة المسلمة ان تظل كالطفل والقاصر تحت الوصاية ، فكما يأمر بمواصلة التعلم والتعقل ، كذلك بالشورى بينهم في هامة الأمور وعامتها لصالح الأمة على مر الزمن ، ومشاورة الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) إياهم تترك في نفوسهم حبا لهذه الرسالة السامية انه اعتبرهم كأنهم لهم شأن من الشأن في الأمر عند الله وعند رسوله وعند الناس ، ثم ليختبر مدى عقولهم في صالحهم ، ومن ثم إذا شاورتهم في الأمر فقد حملتهم على اجتهاد جماهيري في صالحهم فإذا أصابوا صدقتهم وفي ذلك بهجة لهم ونهجة في حياتهم العقلية الإسلامية ، وان اخطأوا أرشدتهم الى صالح الأمر بما أوحى الله إليك.
وما أحلاه وأحناه عناية بأمرهم في شورى الأمر وهم العصاة ، لكيلا يعتبروا أنفسهم بعد خارجين عن نطاق الأمر ، اجتذابا لهم أكثر واجتلابا إلى امر الشرعة الربانية دون مجانبة وابتعاد عنها لأنهم كانوا عصاة.
و «الأمر» هنا في حقل المشاورة هو بطبيعة الحال ليس مما جاء في نص القرآن او السنة ، انما هو الأمر الذي لا نص فيه ، او فيه اختلاف وشبهة تعتريه كما و «أمرهم» في (وَأَمْرُهُمْ شُورى بَيْنَهُمْ) ولكنه أوسع دائرة لمكان اختلاف الانظار في الأحكام غير الضرورية ، فلتشملها الشورى.
__________________
(١) كما في حم ٥ / ٢٩٢ بإخراج المعجم المفهرس عن ألفاظ الحديث النبوي ، وفيه عن النسائي قسامة (٤٠) ان النبي استشار الناس ، وفي حم ٣ : ٢٤٣ ـ استشارة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) في الأسارى يوم بدر.