الهزيمة وعدد المصابين ، ومما يجيب عن ذلك التساؤل كأصل في الإصابة (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) حيث تركتم مقاعدكم للقتال تخلفا عن أمر الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) وبغية الغيمة حيث أهمتكم أنفسكم وظننتم بالله الظنونا.
ذلك ، وأما مبادلة أسرى بدر ـ بديلا عن قتلهم ـ بالفداء ، ومبادلة الفداء باستشهاد مثلهم من المسلمين في عام قابل ـ كما يروى ـ (١) فهو إغراء بأجهل الجهل تعالى الله عن ذلك علوا كبيرا.
__________________
(١) المصدر في تفسير علي بن ابراهيم ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لما تبعوا قريشا بعد احد الى حمراء الأسد ثم رجعوا الى المدينة فلما دخلوا المدينة قال اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا النصر؟ فأنزل الله : (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْها قُلْتُمْ أَنَّى هذا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) وذلك ان يوم بدر قتل من قريش سبعون وأسر منهم سبعون وكان الحكم في الأسارى القتل فقامت الأنصار الى رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) فقالوا يا رسول الله هبهم لنا ولا نقتلهم حتى نفاديهم فنزل جبرئيل (عليه السلام) فقال ان الله قد أباح لهم الفداء ان يأخذوا من هؤلاء يطلقوهم على ان يستشهد منهم في عام قابل بقدر من يأخذون منه الفداء فأخبرهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بهذا الشرط فقالوا : قد رضينا نأخذ العام الفداء من هؤلاء ونتقوى به ويقتل منا في عام قابل بعدد من نأخذ منهم الفداء وندخل الجنة فأخذوا منهم الفداء واطلقوهم فلما كان هذا اليوم وهو يوم احد قتل من اصحاب رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) سبعون فقالوا يا رسول الله ما هذا الذي أصابنا وقد كنت تعدنا النصر؟ فأنزل الله (أَوَلَمَّا أَصابَتْكُمْ ...).
وفي تفسير الفخر الرازي ٩ : ٨٢ روي عن علي (عليه السلام) قال : جاء جبرئيل (عليه السلام) إلى النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) يوم بدر فقال : يا محمد ان الله قد كره ما صنع قومك في أخذهم الفداء من الأسارى وقد أمرك ان تخيرهم بين ان يقدموا الأسارى فيضربوا أعناقهم وبين أن يأخذوا الفداء على ان تقتل منهم عدتهم فذكر رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) ذلك لقومه فقالوا : يا رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) عشائرنا وإخواننا نأخذ الفداء منهم فنتقوى به على قتال العدو ونرضى ان يستشهد منا بعددهم فقتل يوم احد سبعون رجلا عدد أسارى بدر فهو معنى قوله (قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ) اي بأخذ الفداء واختياركم القتل.