يهمه العدد ، إنما همته العدد الروحية في النضال ، فاصطفى الأصفياء منهم فاستجابوا لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح (١).
وهكذا تتضافر مثل هذه الصورة الرفيعة على إعلان ميلاد تلك الحقيقة الكبيرة في هذه النفوس المؤمنة الكبيرة التي لا تعرف سوى الله وكيلا وتزداد به إيمانا في ساعة العسرة واليسرة سواء ، قائلة في مواجهة المخاوف الهائلة (حَسْبُنَا اللهُ وَنِعْمَ الْوَكِيلُ).
أجل وإن كل مزايا الحياة وزيادة حاصلة هي للشهداء عند ربهم ، وذلك تعديل كامل لمفهوم القتل في سبيل الله ، وللمشاعر المصاحبة له ، في نفوس المجاهدين أنفسهم وفي النفوس التي يخلفونها من وراءهم ، ونفوس المتشككين بشأنهم حيث كان يخيّل إليهم أنهم أموات.
وذلك إفساح لمجال الحياة ومشاعرها وصورها ، لكي تتجاوز نطاق هذه الدانية العاجلة الى تلك العالية الآجلة.
وعلى ضوء ذلك التوجيه الوجيه سارت خطى المجاهدين الكرام في معارك الشرف والكرامة ، ونضجت فيها تلك النماذج الرفيعة في غزوتي بدر وأحد وسواهما.
فمن الناس من لا يستجيب لله والرسول في السبل الخطرة الحذرة ، ومنهم
__________________
(١) الدر المنثور ٣ : ١٠٢ ـ أخرج ابن جرير عن السدى قال لما ندم ابو سفيان وأصحابه عن الرجوع عن رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) وأصحابه وقالوا ارجعوا فاستأصلوهم فقذف الله في قلوبهم الرعب فهزموا فلقوا أعرابيا فجعلوا له جعلا فقالوا له ان لقيت محمدا وأصحابه فأخبرهم أنا قد جمعنا لهم فأخبر الله رسوله (صلى الله عليه وآله وسلم) فطلبهم حتى بلغ حمراء الأسد فلقوا الاعرابي الذي لقيهم الذين قال لهم الناس ان الناس قد جمعوا لكم فاخشوهم ...