أخرى ، وإنما يمتاز الشهداء عن سائر المؤمنين بفضل الشهادة وزلفاها عند ربهم ورزقهم.
(الَّذِينَ اسْتَجابُوا لِلَّهِ وَالرَّسُولِ مِنْ بَعْدِ ما أَصابَهُمُ الْقَرْحُ لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا مِنْهُمْ وَاتَّقَوْا أَجْرٌ عَظِيمٌ) ١٧٢.
فهناك استجابة لله والرسول قبل إصابة القرح في هذه السبيل وهي وسط الإيمان ، وهنا استجابة لله والرسول من بعد ما أصابهم القرح وهي قلب الإيمان وصلبه شريطة الإحسان والتقوى فلهم (أَجْرٌ عَظِيمٌ).
وقد نزلت هذه الآية بشأن الخارجين معه (ص) وذلك ان النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ندب الناس ثاني يوم أحد الى إتباع المشركين ، تقوية لقلوب أصحابه وتجلدا على أعدائه ، وكان بالمسلمين جوانح الجراح ومواقع السلاح ما انتزع قواهم واثر في تماسكهم حتى كان بعضهم يحمل بعضا عند خروجهم في ملاحقة المشركين ، ضعفا عن الاستمرار على المشي والدوام على السعي فلما ندب (صلى الله عليه وآله وسلم) الناس إلى الخروج قال المنافقون للمؤمنين ـ على طريق التهيب لهم والمكر بهم ـ قد رأيتم ما لقيتم بالأمس من أعداءكم وأنتم في باحات دياركم ومدارج أقدامكم حتى لم يفلت منكم إلّا الشريد ولم ينج منكم إلّا القليل ، أفتصحرون لهم اليوم وقد قل عددكم وضعف جلدكم وأسرع القتل في رجالكم فأوقع الشيطان قلوب المنافقين في قلوب بعض المؤمنين.
الرسول (صلى الله عليه وآله وسلم) يدعوهم مرة أخرى بعد هنيئة من أحد وهم مثخنون بالجراح ، وهم ناجون بشق الأنفس من أمس المعركة عن القتل ، ولما ينسوا هول الدعكة ومرارة الهزيمة وشدة الكربة.
فلقد دعاهم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) دون من سواهم ، فلم يأذن للمتخلفين ولا غير الجرحى مهما لم يتخلفوا ، إذ لم يكن ـ وقتذاك ـ