مرض ، ويقول لقد خولطوا ولقد خالطهم أمر عظيم ، لا يرضون من أعمالهم القليل ، ولا يستكثرون الكثير ، فهم لأنفسهم متّهمون ، ومن اعمالهم مشفقون ، إذا زكّي أحد منهم خاف مما يقال له فيقول : أنا أعلم بنفسي من غيري ، وربي اعلم بي مني بنفسي ، اللهم لا تؤاخذني بما يقولون ، واجعلني أفضل مما يظنون ، واغفر لي ما لا يعلمون ، فمن علامة أحدهم أنك ترى له قوة في دين ، وحزما في لين ، وإيمانا في يقين ، وحرصا في علم ، وعلما في حلم ، وقصدا في غنى ، وخشوعا في عبادة ، وتجملا في فاقة ، وصبرا في شدة ، وطلبا في حلال ، ونشاطا في هدى ، وتحرجا عن طمع ، يعمل الأعمال الصالحة وهو على وجل ، يمسي وهمه الشكر ، يبيت حذرا ويصبح فرحا ، حذرا لما حذّر من الغفلة ، وفرحا بما أصاب من الفضل والرحمة ، ان استصعبت عليه نفسه فيما تكره لم يعطها سؤلها فيما تحب ، قرة عينه فيما لا يزول ، وزهادته فيما لا يبقى ، يمزج الحلم بالعلم ، والقول بالعمل ، تراه قريبا أمله ، قليلا زلله ، خاشعا قلبه ، قانعة نفسه ، منزورا أكله ، سهلا أمره ، حريزا دينه ، ميّتة شهوته ، مكظوما غيظه ، الخير منه مأمول ، والشر منه مأمون ، إن كان في الغافلين كتب في الذاكرين ، وإن كان في الذاكرين لم يكتب من الغافلين ، يعفو عمن ظلمه ، ويعطي من حرمه ، ويصل من قطعه ، بعيدا فحشه ، لينا قوله ، غائبا منكره ، حاضرا معروفه ، مقبلا خيره ، مدبرا شره ، في الزلازل وقور ، وفي المكاره صبور ، وفي الرخاء شكور ، لا يحيف على من يبغض ، ولا يأثم فيمن يحب ، يعترف بالحق قبل أن يشهد عليه ، لا يضيع ما استحفظ ، ولا ينسى ما ذكّر ، ولا ينابز بالألقاب ، ولا يضار بالجار ، ولا يشمت بالمصائب ، ولا يدخل في الباطل ، ولا يخرج من الحق ، إن صمت لم يغمّه صمته ، وإن ضحك لم يعل صوته ، وإن بغي عليه صبر ، حتى يكون الله هو الذي ينتقم له ، نفسه منه في عناء والناس منه في راحة ، أتعب نفسه لآخرته ، وأراح الناس من