فإثمه على من لم يبينه ، ثم الذين لم يبلغهم وهم عارفون بحجته أم علّه من الله هم شركاء مع سائر المقصرين في الإثم.
إذا مسئولية بلوغ القرآن ليس فقط على عواتق حملته ، بل والذين يعرفون وحيه أو يحتملون ثم لا يفحصون عن بالغة حجته وحالقة محجته.
فالمتحري عن الحق أيا كان عليه التحري عن بالغ حجة القرآن بكل الإمكانيات المستطاعة له ، كما على حملة القرآن أن يبلغوه إلى كل من بلغ (قُلْ فَلِلَّهِ الْحُجَّةُ الْبالِغَةُ فَلَوْ شاءَ لَهَداكُمْ أَجْمَعِينَ).
(أَإِنَّكُمْ لَتَشْهَدُونَ أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) شهادة أنفسية : بالوجدان فطرة أو عقلية أو علمية ، أو آفاقية ، أم بوحي من الله؟ وكل هذه منفية تدل الآيات الآفاقية والأنفسية على خلاف هذه الشهادة الكاذبة ، إضافة إلى شهادة الله بذاته وبكتابه على وحدته.
(قُلْ لا أَشْهَدُ) بأية شهادة (أَنَّ مَعَ اللهِ آلِهَةً أُخْرى) (قُلْ إِنَّما هُوَ إِلهٌ واحِدٌ) على ضوء كافة الشهادات الصالحة الصادقة (وَإِنَّنِي بَرِيءٌ مِمَّا تُشْرِكُونَ).
هنا «لا أشهد» دليل عدم الشريك لله وحيا ، إضافة إلى سائر الأدلة ، لأن الموحى إليه شاهد قبل كل شيء كيان الربوبية للموحي وإلّا فكيف يرسل من عنده ، فكما «لا يعلم» هي من الله دليل عدم المعلوم عن بكرته لأنه يحيط علمه بكل شيء : (وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ قُلْ أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمَّا يُشْرِكُونَ) (١٠ : ١٨) كذلك (لا أَشْهَدُ) هي من رسول الله (ص) دليل على عدم وجود المشهود عن بكرته ، «وأعلم يا بني أنه لو كان لربك شريك لأتتك رسله ورأيت آثار ملكه وسلطانه ولعرفت أفعاله وصفاته ولكنه إله واحد كما وصف نفسه لا