الرسالة الختمية ولا ينبئك مثل خبير (١).
ف (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ) فقدانا لنفسياتها العاقلة وفطرياتها الكاملة ، ومعرفتها الشاملة ، فلم يفتقدها لمّا فقدوها (فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) بهذا الرسول (ص) قضية المتاركة لأثافيّ الايمان ودلالاته.
(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرى عَلَى اللهِ كَذِباً أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ)(٢١) :
أجل إنه لا أظلم ممن افترى على الله كذبا كما افترى من أهل الكتاب على الله أنه ختم بكتبهم الوحي وما أشبه (أَوْ كَذَّبَ بِآياتِهِ) رسالية ورسولية كما كذبوا بآيات الرسالة المحمدية في كتبهم وفيه نفسه وفي كتابه الذي كله آيات رسالته فإنه آيته الخالدة.
(إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ) مهما أبرقوا وعربدوا وحاولوا كل المحاولات
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠٨ عن تفسير القمي عن حريز عن أبي عبد الله (ع) قال : نزلت هذه الآية في اليهود والنصارى يقول الله تبارك وتعالى : (الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ) يعني رسول الله (ص) (كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمُ) لأن الله عزّ وجلّ قد أنزل عليهم في التوراة والإنجيل والزبور صفة محمد (ص) وصفة أصحابه ومبعثه ومهاجره وهو قوله تعالى : «محمد رسول الله ... ذلك مثلهم في التوراة ومثلهم في الإنجيل ...» فهذه صفة رسول الله (ص) في التوراة والإنجيل وصفة أصحابه فلما بعثه الله عزّ وجلّ عرفه أهل الكتاب كما قال جلّ جلاله : (فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ).
وفي تفسير البرهان ١ : ٥٢٠ قال علي بن إبراهيم ان عمر بن الخطاب قال لعبد الله بن سلام هل تعرفون محمدا (ص) في كتابكم؟ قال : نعم والله نعرفه بالنعت الذي نعته الله لنا إذا رأيناه فيكم كما يعرف أحدنا ابنه إذا رآه مع الغلمان والذي يحلف به ابن سلام لأنا بمحمد هذا أشد معرفة مني بابني قال الله : (الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ فَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ).