بغيتهم اللئيمة ، وهي واقع الظلم الانتقاص في افتراءهم على الله وتكذيبهم بآيات الله ، فقد ظلموا بما ظلموا أنفسهم ولم ينتقصوا من الله ولا من آياته.
فلا أن الله ينتقص بظلمهم في فريتهم عليه ، لا في ذاته ولا في صفاته أو أفعاله ، (وَاللهُ غالِبٌ عَلى أَمْرِهِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) ولا أن آيات الله تنتقص في واقعها الدلالي على الله ، اللهم إلّا تغطية إياها على أنفسهم وأنفس الضعفاء والمستضعفين ، فهم ـ على أية حال ـ لا يفلحون ويفلجون ، بل ويفلجون ولا ينجون.
فكما الظلم في نفسه هو أقبح الأمور ، ولا عصيان ولا تخلف إلّا وهو ظلم ، كذلك الافتراء الكذب على الله والتكذيب بآياته هو من أظلم الظلم (لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ).
فلا عبرة بما تراه العيون القاصرة المائرة في قريب الأمد فلاحا للظالمين ونجاحا ، فإنه الاستدراج المؤدي إلى خسار أخسر وبوار أبور (وَمَنْ أَصْدَقُ مِنَ اللهِ حَدِيثاً).
(وَيَوْمَ نَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ الَّذِينَ كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ)(٢٢) :
«نحشرهم» من موحدين ومشركين (ثُمَّ نَقُولُ لِلَّذِينَ أَشْرَكُوا) أيا كان إشراكهم في ثالوثة ، عبادة أوثان وطواغيت ، أم انحرافا ثنويا أو ثالوثيا وما أشبه عن التوحيد ، أم انحرافا عن إسلام التوحيد كملامح الشرك في المسلمين في فلسفاتهم وعرفاناتهم المتحللة عن الوحي.
ذلك ، ولكن مصبّ السؤال التنديد هنا ـ كأصل ـ هو رأس زاوية الإشراك ، ف «نقول» لهم (أَيْنَ شُرَكاؤُكُمُ) دون شركائي ، فإنهم مختلقون من عند أنفسهم دون رباط لهم بالله ، أين هم حيث (كُنْتُمْ تَزْعُمُونَ) ولا