معصية كانت منهم ثم يرفع عن ألسنتهم الختم فيقولون لجلودهم لم شهدتم علينا قالوا أنطقنا الله الذي أنطق كل شيء» (١).
وترى كيف يكذبون على أنفسهم وهو في العمق كذب على الله في استجوابهم قضية شركهم؟ وذلك يوم (لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) (٧٨ : ٣٨) (وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ) (٧٧ : ٣٦)!
إنهم في ذلك الموقف يتكلمون بكذبهم حيث هم مأذونون فضحا لهم بما يكذبون ف «إن الله يعفو يوم القيامة عفوا لا يخطر على بال حتى يقول أهل الشرك : (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ)(٢).
__________________
(١) نور الثقلين ١ : ٧٠٨ في كتاب التوحيد عن امير المؤمنين (ع) حديث طويل يذكر فيه احوال اهل المحشر وفيه.
(٢) المصدر عن تفسير العياشي عن هشام بن سالم عن أبي عبد الله (ع) قال : «ان الله يعفو ..».
وفي تفسير البرهان ١ : ٥٢٠ عن تفسير العياشي عن أبي معمر السعدي قال : أتى عليا (ع) رجل فقال : يا أمير المؤمنين إني شككت في كتاب الله المنزل فقال علي (ع) : ثكلتك أمك وكيف شككت في كتاب الله المنزل؟ فقال له الرجل : إني وجدت الكتاب يكذب بعضه بعضا وينقض بعضه بعضا؟ فقال : هات الذي شككت فيه فقال : لأن الله يقول : (يَوْمَ يَقُومُ الرُّوحُ وَالْمَلائِكَةُ صَفًّا لا يَتَكَلَّمُونَ إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ وَقالَ صَواباً) ويقول حيث استنطقوا قال الله (وَاللهِ رَبِّنا ما كُنَّا مُشْرِكِينَ) ويقول (يَوْمَ الْقِيامَةِ يَكْفُرُ بَعْضُكُمْ بِبَعْضٍ وَيَلْعَنُ بَعْضُكُمْ بَعْضاً)) ويقول لا : (إِنَّ ذلِكَ لَحَقٌّ تَخاصُمُ أَهْلِ النَّارِ) ويقول : (لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ) ويقول : (الْيَوْمَ نَخْتِمُ عَلى أَفْواهِهِمْ وَتُكَلِّمُنا أَيْدِيهِمْ وَتَشْهَدُ أَرْجُلُهُمْ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ).
فمرة يتكلمون ومرة لا يتكلمون ومرة ينطق الجلود والأيدي والأرجل ومرة لا يتكلمون إلّا من أذن له الرحمن وقال صوابا ، قال : فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال له علي (ع) : إن ذلك ليس في موطن واحد وهي في مواطن في ذلك اليوم الذي مقداره خمسون الف سنة فجمع الله الخلائق في ذلك اليوم في موطن يتعارفون فيه فيكلم ـ