فلا يحق القول على الله ، أنه قول الله ، إلا سنادا إلى كتاب الله أو سنة رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بحجة بينة ، وطريقة قيمة صالحة حاصلة على حق القول والقول الحق بحق الله ، ثم لا يسند ما وراء ذلك إلى الله ، وإنما يقال : هكذا أفهم والله أعلم ، دون تأكيدة لحجية قوله فضلا عن سناده إلى الله.
وهنا (ما لا تَعْلَمُونَ) تشمل العلم أو القطع الحاصل من غير الطرق الصالحة إلى الوحي ، والوحي لا يعلم إلا بنفسه ، بعلم هو نفسه ، أو أثارة من علم هي نقل رجالات الوحي ، وهو السنة القطعية الصادرة عن مصادر الوحي.
ثم ما وراء ذلك يعبّر عنه في القرآن بالظن ، ف (ائْتُونِي بِكِتابٍ مِنْ قَبْلِ هذا أَوْ أَثارَةٍ مِنْ عِلْمٍ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ) (٤ : ٤٦) تحصر الحجة بها ، ثم ما وراء هما ظن و (إِنَّ الظَّنَّ لا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئاً) (٢٨ : ٥٣).
والقول : إن القطع حجة ذاتية فلا يزول إلا بحجة تماثله أم هي أقوى؟ إنه غول من القول : حيث المقطوع كتابا وسنة ألا حجة إلا فيما يقطع به أو يعلم من الكتاب أو السنة.
ثم القاطع بغيرهما ـ على فرضه ـ هل يقطع بانحصار الحق فيه ، انحسارا له عما سواه؟ طبعا لا ، وإلّا كان مكابرا يفضل غير الوحي على الوحي للحصول على أصل الوحي!.
__________________
ـ وسلم): من أفتى الناس بغير علم لعنته ملائكة السماوات والأرض ، وفي الخصال قال عبد الله (عليه السّلام) أنهاك عن خصلتين فيهما هلك الرجال ، ان تدين الله بالباطل وتفتي الناس بما لا تعلم ، وفي كتاب التوحيد عن زرارة قال سألت أبا جعفر (عليهما السّلام) ما حجة الله على العباد؟ قال : أن يقولوا ما يعلمون ويقفوا عند ما لا يعلمون.